القدّيس بروخوروس الروسيّ (+1113م)

mjoa Saturday February 10, 2024 224
prochoruskievعاش هذا القدّيس في زمن الأمير الكييفيّ الروسيّ سفجاتوبولك (1093 – 1113م). هذا كان، أوّل أمره، ظالمًا عنيفًا عبثيًّا فسادت في أيّامه الصراعات الداخليّة والنزاعات الإقليميّة وضربت الأرض المجاعة. في ذلك الوقت قدم بروخوروس من سمولنسك إلى دير الكهوف في كييف لتيرهّب. أعطى نفسَه بالكليّة للطاعة والنسك. حرَم نفسه حتّى الخبز. أخذ يجمع نباتًا مُرًّا يشبه السبانخ فيطحنه ويصنع منه خبزًا. هذا كان كلّ طعامه. كان يعدّ خبزه الخاص مرّة في السنة. لم يذق خبز القمح إلّا في القدُسات. وقد نظر الربّ الإله طول أناته ونكران ذاته فجعل لأرغفته طعمًا حلوًا. أمّا شرابه فكان الماء الزلال وحسب. كان دائم الفرح بخدمته للربّ. الغزوات لم تكن تخيفه، لم يكن يخشى المصير. كان كواحد من العصافير.
وحدث نتيجة الصراع بين الأمراء أنّ الملح صار قليلًا في الأرض الروسيّة، والموجود احتكره التجّار ورفعوا سعره، إذ ذاك طاف بروخوروس على الرّهبان وأخذ منهم كلّ ما عندهم من الرّماد وبالصلاة حوّل الربّ الرماد إلى الملح فكان لحاجة الرّهبان ثمّ صار بركة يتهافت عليها الناس، وأعطى الكلّ ما يحتاجون، هذا أثار غضب التجّار فنقلوا استياءهم إلى الأمير الذي لجشعه احتكر الملح دون التجّار ليصيب ما طاب له من الرّبح. فبعثَ بمَن صادَرَ الملح الذي كان بحوزة القدّيس، فلمّا وصل إليه تحوّل إلى رماد فألقاه خارجًا أثناء اللّيل. أمّا الناس فاستمرّوا يتدفقون على القدّيس طلبًا للملح، فكان يقول لهم إذهبوا إلى دار الأمير ومتى لاحظتم أنّه يلقي بالرّماد خارجًا التقطوه فإنّه يصير لكم ملحًا. ففعلوا كما أوعز إليهم وجرى كما قال لهم، فلمّا درى الأمير بالأمر تعجّب جدًا وتاب عن عيّه وصار يوقّر الرّهبان والقدّيس توقيرًا كبيرًا. وأخذ على عاتقه أن يدفن قدّيس الله بنفسه إذا ما رقَدَ قبله. وطلب أن يواريه القدّيس الثرى إذا ما كان هو السبّاق.
سلَكَ القدّيس في النقاوة بريئًا من العيب سنين طوالًا وكان مرضيًّا لله. فلمّا مرض مرضًا شديدًا عرف أنّ نهاية رحلته على الأرض وشيكة. كان الأمير يومها في إحدى حملاته العسكريّة، فبعث إليه القدّيس يدعوه إلى إتمام نذره وإلّا ما أصاب نجاحًا. فصرف عسكره بسرعة وجاء إلى القدّيس. فلمّا وصل إليه وعظه القدّيس عن الرأفة والدينونة الآتية والحياة الأبديّة والعذاب الأبديّ. وبعدما استكمل الكلام أعطى الجميع البركة وقبّلهم ورفع يدَيه وأسلم الروح. فحمَله الأمير على كتفه ودفنه في الكهوف كما وعد. مذ ذاك سلك الأمير باستقامة وتغيّر حال الرعيّة وحقّق انتصارات جمّة على أعدائه.
0 Shares
0 Shares
Tweet
Share