صباح السبت الواقع فيه 11كانون الثاني 2014 رئس سيادة راعي أبرشية جبل لبنان المطران جاورجيوس القداس الإلهي في كنيسة النبي إيليا في دير مار جاورجيوس “دير الحرف” بحضور عدد من الكهنة وعدد كبير من الإخوة المؤمنين ، حيث تمت فيه سيامة الشّماس غريغوريوس كاهناً.
عظة المتروبوليت جورج خضر في رسامة الاب المتوحد غريغوريوس الجضم
أيها الاخ الكريم، بدعوة الله إياك الى هذه الرتبة في الخدمة المقدسة، أراد أن ترتقي نفسُك اليه – وما من ارتقاء آخر – اي أن تنعزل عن الخطيئة كليا. وتعرف أن ربك داعيك الى وجهه. بحيث لا ترى وجوها أخرى. ولا قيمةً الا في الانجيل.
أنت خادم الانجيل. أي أن تُعلن للناس محبةَ الله لهم بيسوع المسيح. ليس من اعلان آخر. ليس من كلام آخر الا هذا الذي جاء حسب قول الكتاب العزيز. ” في البدء كان الكلمة “. في البدء وفي الأخير كان الكلمة. أنا هو الأول والآخِر. هذا ما يقوله ربنا. أنا هو البداءة والنهاية.
يتبدل الانسان في هذا العالم. يسير في هذه الدنيا الى ان يعرف ان الله هو الوجود. وأن ربه هو كل شيء. ستقضي عمرك تتعلم فيه أن الرب هو كل شيء. وأن ليس سواه.
عندما يدعو يسوع أحد المؤمنين به الى الرهبانية ماذا يقول له ؟ يقول له انه كل شيء. فلا تضيّع وقتك في هذا العالم. لا تتلهى بأي شيء. تطلب وجهي. وخارج وجهي ليس من شيء. هذا هو المعروف عند كبارنا بالعشق الالهي.
ليس في اللغة الكنسية كلمة راهب. بل كلمة متوحد. الراهب هو من يخاف. اذاً المتوحد هو من رغِب أن يوحّد نفسه بروح الرب. لا أحد في العالم يقدر ان يوحّد نفسه بروح الرب الى النهاية، اذ قبل الموت لسنا موحَدين مع الرب بصورة أكيدة عميقة نهائية. لكننا نسعى. ما معنى أن نتوحد مع الرب؟ معنى ذلك أن لا نرى وجهًا غير وجهه. أن نعرفه الاوحدَ – ليس الوحيد فقط – أي ليس مثله آخَر. الله هو الاوحد. وهكذا ظهر في ابنه في المسيح يسوع.
انت طلبت الوحدة به بالرهبانية. هكذا نحن نعتقد في تراثنا ان الرهبانية هي طريقة من الطرق. هي طريقة جميلة لكي نتوحد بالرب. ما معنى أن نتوحد بالرب؟ أنت واحد مع الرب. أنت لا تصير والرب اثنين. أنت واحد مع الرب. أي لا ترى وجهًا غير وجهه. وإن احببت البشر، تحبّهم به، وبقوته، ومن أجلِه، لكي تذهب بهم اليه.
باليونانية الراهب يسمى موناخس أي الوحيد المتوحد الذي وحّد نفسه بالرب، دون أن يلتهي بشيء آخَر. لكنه يخدم البشرية. ولا يلتهي بها. لا يعبدها. أنت تعبد الله وحده. وتجعل نفسَك عبدًا له. قال الرب يسوع لن أسميكم عبيدًا فيما بعد. أنتم احباء. قال القديسون صحيح أنه لا يسمينا عبيدا. لكننا نستعبد أنفسَنا له بالحب. في الشريعة اليونانية العبد هو مُلك لسيده، مُلك لصاحبه. في المرحلة الاولى من الشرع الروماني كان يباع ويشترى. أنت مُلك لله. أي لا تعترف بأي فكر من هذا العالم سيدًا عليك. أنت تعترف بفكر الله. والى هذا دعانا الرسول الكريم بولس.
رجائي الى الله أن يمكنك من أن تتحقق في فكرك وقلبك ومشاعرك أن بسوع أمسى كل شيء لك. وانك لا ترى شيئًا اخر. اذهب بهذه القناعة ان المسيح يسوع صار كل شيء لك وانك تطوّع حياتك لتحسّ نفسُك انه هو كل شيء. اذا لم تزل تحس أنه غير موجود أو شيء آخَر في هذه الدنيا موجود تكون ما زلت في بداية الطريق. واما إذا شعرت بأن الرب يسوع بات كل الوجود تكون قد دخلت الخلاص. إذهب على هذه القناعة واحمل صليبك وامشِ وراءه لتكون لك القيامة.
دير القديس جاورجيوس – دير الحرف
لمشاهدة المزيد من الصور الرجاء الضغط على هذا الرابط.