تجليات دمشقية
أحد جميع القديسين
إذا كان عيد العنصرة هو آخر العيد، كما ندعوه في الليتورجيا، فإنَّ هذا العيد هو الغاية، أي أن غاية التدبير الخلاصي هو أن نكون قديسين “كونوا قديسين كما أن أباكم السماوي قدوس”. وهذه الغاية تبدأ من رغبتنا وسعينا الجاد، لكنها تتحقَّق بحلول نِعَم الروح القدس علينا. لذلك رتَّبت الكنيسة عيد جميع القديسين مباشرةً بعد أحد العنصرة لتذكِّرنا أن القداسة هي مفاعيل الروح في حياة المؤمن.
هذا ما أدركه المؤمنون عبر العصور، لذلك نسمع القديس سيرافيم يحدِّد ويقول: غاية حياتنا هي اقتناء الروح القدس. وهذه الغاية تتحقق بسعي حثيث في تفاصيل حياتنا اليومية: أن لا نستحي بيسوع في سلوكنا، فلو كذب كل الناس سابقى صادقاً. ولو أعمت الأنانية عيون الكثيرين سأكون محباً. ولو سادت الشهوة وتملَّكت قلوب البعض لن أستحي بعفتي وأصوامي. و لو قتلت الرفاهية والراحة مبادرات القداسة عند المتهاونين سأسعى مجاهداً خادماً كل الإخوة. سأطرح عني كل ثقل والخطيئة المحيطة بي، ولن أكتفي بل سأسابق في الصبر والمثابرة، حتى الجهاد. واضعاً أمامي غايتي أن أصل إلى الرب يسوع مُعطي الإيمان ومكمِّله فيَّ. معونتي في هذا السعي من عند الرب الذي صنع السماء والأرض. وهو يسكب نعمته فيَّ في الكنيسة، من خلال الأسرار الإلهية. لذلك تجرَّأ البعض وقالوا أن لا خلاص خارج الكنيسة، لأنهم أدركوا أنك بعيداً عن معونة الله ونعمته العاضدة تكون وحيداً لا تقدر أن تفعل شيئاً يأتيك بالخلاص. نعم، الكنيسة مصنع القديسين بطقوسها وأسرارها وتفعيل الشركة بين أعضائها. وهي تذكِّرنا بلسان آبائنا في كلِّ قدّاس أننا قدّيسون مدعوون لعيش قداستنا: القدسات للقديسين. هكذا خاطب بولس الرسول المؤمنين بيسوع، وهكذا عاش أولئك القديسين قاهرين الممالك، سادِّين أفواه الأسود، متقوّين من ضعف حائزين في أجسادهم المائتة قوّة وحياة المسيح. فلنتعزى ولنثق بهذه السحابة ممن شهدو على حقيقة أيمانهم، ولنتسابق على دروب القداسة.
قدس الأب إغناطيوس دروج
مركز دمشق _ أسرتي الإعلام والعلاقات العامة