تذكار أبينا الجليل في القدّيسين بورفيريوس أسقف غزة (+430م)

mjoa Monday February 26, 2024 311

stporphyriusأصل القدّيس بورفيريوس من مدينة تسالونيكية لعائلة من النبلاء. وفي الخامسة والعشرين من عمره، اقتبل الحياة التوحّديّة. أقام بين الآباء القدّيسين خمس سنوات، رغب بعدها في زيارة الأماكن المقدّسة في فلسطين. اتّخذ من مغارة في نواحي الأردنّ منسكًا له خمس سنوات. ومرِض هناك بسبب الجفاف وأشرف على الموت، وبتدبير من الله انتقل بمساعدة بعض معارفه إلى أورشليم.
شمَله المرض ووخز أحشاءه دونما هوادة وأخذ يذيب جسده، لكنّه لم يتوانَ يومًا عن التطواف على الأماكن المقدّسة تبرّكًا. وعلى هذا النحو، انصرف بورفيريوس في سبيله ليسمع الأقوال الإلهيّة ويشترك في المائدة السِرّية ثمّ يقفل عائدًا إلى مقرّه. كان واضحًا أنّه احتقر مرَضه ولم ينؤ تحت وطأته بل سلك بإزائه وكأنّ مرضه يصيب جسد إنسان آخر. رجاؤه بالله خفّف ثقل حمله عليه.
توطّدت علاقة بورفيريوس بتلميذِه مرقص، فأوفده إلى ذويه في تسالونيكي لتصفية تركته وإعطاء ما يتوجّب لإخوته والعودة بالباقي إليه ليعمل على توزيعه على الفقراء وفقًا للوصيّة الإلهيّة. وقد كان بورفيريوس رجلًا لا عيب فيه، قادرًا على الإجابة عن أصعب المسائل في الكتاب المقدّس. له قابليّة يعتدّ بها على إسكات غير المؤمنين والهراطقة. وكان محبًّا للفقير، يكرم الشيوخ كآباء والشبّان كإخوة والصّغار كأولاد له. وزّع كلّ أمواله ولم يبقِ لنفسه شيئَا لكي يكون اتّكاله على الله كاملًا. لذلك احتاج فخرج وعمل سكّافًا ولم يشأ أن يأكل خبزًا من غير تعب.
مضت على سيامته كاهنًا ثلاث سنوات توفّي في نهايتها إينياس، أسقف غزّة. صام رئيس الأساقفة في قيصرية، يوحنا، وقد جعلوا أمر تعيين أسقف على غزّة بين يدَيه، فجاءه إعلان أشار إلى بورفيريوس المغبوط رجلًا على قلبه. وانطلق الغزّاويون عائدين إلى ديارهم برفقة أسقفهم الجديد، ولم يصلوا إلى غزّة إلّا بشقّ النفس. ضرب غزّة والجوارالجفاف وشاعت المجاعة فجاء المسيحيّون، وسألوا قدّيس الله الصلاة لأجل المجاعة والجفاف.
فخرجوا مع القدّيس للصلاة في كنيسة قديمة خارج المدينة، ولمّا أرادوا العودة، ألفوا البوّابة وقد أقفلها الوثنيّون ولمّا يشاؤوا فتحها. في ذلك الوقت، أمطرَت السماء مطرًا غزيرًا فتحرّك قلب بعض الوثنيّين وفتحوا البوّابة وشرعوا يعترفون بيسوع إلهًا واحدًا. ودخلوا جميعهم إلى الكنيسة واشتركوا في سِرّ الشكر وعادوا إلى بيوتهم. اشتدّ بعدها المطر ثلاثة أيّام، وانضمّ إلى الكنيسة عدد إضافيّ من الوثنيّين.
واشتدّ هياج الوثنيّين في غزّة لا سيّما بسبب اهتداء العديدين منهم إلى المسيح. تضييقهم على المسيحيّين كان في ازدياد. صلّى بورفيريوس إلى الربّ الإله وقرّر أن يذهب إلى عاصمة الإمبراطوريّة بنفسه، وعرض الأمر على رئيس الأساقفة يوحنّا، سأله مرافقته وبعد حوالي عشرين يومًا من مغادرتهما غزّة وصل الأسقفان القسطنطينيّة، فاتّصلا بالقدّيس يوحنا الذهبيّ الفم وشرحا له الوضع وانتظرا بضعة أيّام كانا خلالها ينعمان بكلام الذهبيّ الفم الإلهيّ. وكان طلب منهما عرض الوضع على الإمبراطورة، والتي بدورها شرحت الوضع للإمبراطور. إذ تكلّلت مهمّة الأسقفَين بالنجاح استودعا الإمبراطور والإمبراطورة وقفلا عائدين إلى ديارهما مزودَّين بأموال وهدايا قيّمة. ولم تنسَ أفدوكسيا الإمبراطورة أن تمدّ بورفيريوس بأموال خاصّة لبناء الكنيسة التي وعدته بها في وسط غزّة. تداعى المسيحيّون هناك لاستقبال أسقفهم العائد، فانتظموا في موكب يتقدّمه الصليب وأخذوا ينشدون المزامير. بعد أيّام قليلة باشر موظّفون مدنيّون وعسكريّون بتنفيذ الأمر الملكيّ. فغادر المدينة سكّانها الوثنيّون لا سيّما الأغنياء منهم. وكان في غزّة ثمانية هياكل وثنيّة، وقد تمّ هدمها وإحراقها في عشرة أيّام. إثر ما جرى انضمّ إلى الكنيسة عدد وافر من الوثنيّين بعضهم بدافع الخوف وبعضهم عن قناعة، وقد قبلهم الأسقف جميعًا واهتمّ بتعليمهم. بعد إحراق هيكل زفس، تمّ إنشاء كنيسة جديدة استغرق بناؤها خمس سنوات وأُطلق عليها اسم أفدوكسيانا نسبة للملكة أفدوكسيا، ووُزّعت العطاءات على الغرباء والفقراء إثر تدشينها. استمرّ بورفيريوس في التصدّي للوثنيّين في غزّة والعمل على هدايتهم إلى النهاية وقد رقد في الربّ بعدما خدم أسقفًا أربعًا وعشرين سنة وأحد عشر شهرًا وثمانية أيّام. وأوصى بتوفير الحسنات للفقراء على نحو منتظم وضيافة الغرباء. كان رقاده في 26 شباط عام 420 م.

طروبارية القدّيس بورفيريوس
لقد أظهرتك أفعال الحق لرعيتك قانونًا للإيمان وصورة للوداعة ومعلّمًا للإمساك، أيها الأب رئيس الكهنة برفيريوس، فلذلك أحرزتَ بالتواضع الرّفعة وبالمسكنة الغنى، فتشفّع إلى المسيح الإله، أن يخلّص نفوسنا.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share