دينونتي أنا – المطران بولس (بندلي)

mjoa Friday September 23, 2016 182

دينونتي أنا – المطران بولس (بندلي)

“وأيضاً يأتي بمجد ليدين الأحياء والأموات…” (دستور الإيمان)

إن كثيرين يعتقدون عن خطأ أن حياتنا على الأرض هي كل شيء وعندما نموت ننتهي! هذا ليس إيماننا وإيمانكم! نؤمن ان حياتنا الحقيقية لا تنتهي بموت الجسد. فأرواحنا ترجع إلى خالقها وهذا ما نقوله في نهاية صلاة الجناز “ارجعي يا نفسي إلى راحتك لأن الرب قد أحسن اليك” أما الجسد فنزرعه في التراب كحبة الحنطة التي “ان لم تمت تبقى لوحدها ولكنها ان ماتت أتت بحبات كثيرة” هذا الجسد المزروع في الفساد مدعوٌ أن يقام لابساً عدم الفساد بقوة المسيح غالب موتنا بموته ومنهضاً إيانا كافة “من الجحيم” التي هي عالم الموت.
وهذا ما يؤكده الرب في انجيله المقدس عندما يقول: “الحق الحق أقول لكم إنها تأتي ساعة وهي الآن يسمع فيها جميع من في القبور صوته فيقوم الذين عملوا الصالحات إلى قيامة حياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة دينونة”.

إننا سنقوم جميعنا دون استثناء، نقوم نقف أمام إلهنا الديّان الذي تُكشف أمامه أعمالنا. نعم، أيها الأحباء ليس عند الله محاباة للوجوه، ليس الله الذي يجعلنا “هو” عن يمينه فنسمع صوته القائل لنا “تعالوا إليَّ يا مباركي أبي رثوا الملك المعد لكم  (بسبب أعمالكم) منذ انشاء العالم”، أو يجعلنا “هو” عن يساره فنسمع صوته المرهوب المتوجه الينا قائلاً “اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار المؤبدة التي أُعدَّت لابليس ولملائكته”. فاذا كان الله الديان ليس هو الذي يرتب أن أكون عن يمينه أو عن يساره، فما هو اذن سبب فرزي عن يمينه مع الأبرار الصديقين أو عن يساره مع الأشرار الهالكين؟ على أية أسس تستند دينونتي أنا؟ الجواب على هذا السؤال يعطيه الرب في إنجيل هذا اليوم المبارك!.
أيها الأحباء ان هاجس الله هو ألاّ يهلك أحد من البشر الذين خلقهم على صورته ومثاله، ولكنه أرادهم في الوقت نفسه مخلوقين أحرار يختارون بملء ارادتهم طريق الحياة الذي يدلهم عليه لكي تكون لهم الحياة وتكون لهم أفضل.
دينونتي أنا ستكون على أساس كلمة الله القائلة لنا: “كل ما فعلتم بأحد اخوتي هؤلاء الصغار فبي فعلتم”.
دينونتي أنا أواجهها على ضوء نظرتي إلى “الأخ الضعيف الذي مات المسيح من أجله”. فإذا أهملت الآخر ولم أعد أنظر اليه الا بنظري الناقد الديّان لأعماله ولأفكاره ولحياته، فحينئذ أنا أصبح عاجزاً عن رؤية المسيح الذي مات من أجلي كما مات من أجله وبالتالي أحرم نفسي من رحمته وأسقط في حمأة أفعالي. بينما إذا اهتممت اهتماماً وجدانياً حقيقياً على قدر طاقتي البشرية التي تقويها النعمة بجميع الذين وضعتهم عناية الله في حياتي، فحينئذ أقترب أكثر فأكثر من الرب الديان فتَستُر رحمته ذنوبي الكثيرة ويغفر تحننه خطاياي السمجة وتتلاشى دينونتي لأنه ان كانت خطاياي محمرّة كالقرمز فهو يبيضها كالثلج. فكوني أنظر إلى صورته مرتسمة في الأخوة، فهو بدوره ينظر اليَّ بعين الرحمة متجاوزاً كل خطاياي.
الاّ أهلنا الرب جميعنا أن ننجوا من الدينونة الرهيبة وأن نحظى بدخول ملكوت محبته. آمين.   

العدد 10 – في 5 آذار 2000
أحـــد الدينونة
(مرفع اللحم)

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share