دينونة الأخ – المطران بولس (بندلي)

mjoa Friday September 23, 2016 98

دينونة الأخ – المطران بولس (بندلي)

ها المأساة تتواصل وتنتقل الإدانة إلى الأخ!
في هذا الأحد الثاني من الفترة التي تعدنا للصوم الأربعيني المقدس وهو أحد الابن الشاطر تنتصب أمامنا لوحة تقدِّم لنا ابنين لرجل واحد: الأصغر الذي شطر ميراث أبيه فبدَّد حصَّته إلى أن اختبر الجوع فرجع إلى أبيه مطأطئاً الرأس لكن أباه الذي ركض اليه لم يقبل منه أن يبقى في بيته بصفة الأجير بل شاء وأكد ارادته أن يعتبره ابناً حقيقياً له بالرغم مما حدث وكرس ذلك بأنه ذبح له العجل المسمن المعد للمناسبات الفريدة التي تحدث في بيته.

ولكن المأساة انتقلت إلى الابن الاكبر
-ها هو يصبح بدوره ابناً شاطراً للعائلة- ان كان أخوه الأصغر شطر المال فهو بدوره يقف موقفاً يهدد أسس كيان البيت ، فيرفض الدخول إلى منزل أبيه فقط لأن أباه استقبل أخاه وفرح به لأنه قبله سالماً.
وكأنه يقول لأبيه المسكين الذي لم يهنأ له العيش بعد، كونه استقبل ابنه الأصغر بعد طول غياب: “إما أنا في البيت، إما أخي، فاختر” وهكذا يتلوع قلبه لمجرد تفكيره بأن شمل بيته لن يلتئم أبداً -فنتأمل كيف ان الابن الأكبر لم يعد يفهم بأن فرح أبيه لن يكون كاملاً الاّ إذا كان الابنان معاً في البيت الأبوي.
وفيما الأب يخرج ليتوسل إلى ابنه الاكبر لكي يدخل البيت لم يفكر هذا الأخير الاّ بنفسه التي جعلها مركزاً لكل الأمور -أخذ يُمَنِّن أباه بأنه خدمه مدة سنين هذا عددها “ناسياً” انه هو الذي تمتع بالراحة التي نعِمَ بها في البيت الأبوي والمؤلم انه هو الحاصل على كل شيء كان يطالب بجدي يفرح بأكله مع أصدقائه وانتهج هكذا منهج أخيه عندما خرج من البيت الأبوي وابتعد عنه، فأخذ يشتهي الخرنوب الفارغ الذي كان يرمى للخنازير ولكنه لم يعطه أحد لأنه لم يكن في البيت، أمَّا الأكبر وهو يتمتع حكماً بكل شيء فأخذ يشكو الحرمان!…
والأصعب في الأمر  ان عتابه لوالده انتقل إلى مرحلة دينونة أخيه الأصغر -والامر المأسوي عنده كان انه لم يعتبر ان هناك صلة الأخوة قائمة بينهما ولذلك لم يسمّه “أخاً” بل توجه إلى والده قائلاً “ان ابنك هذا” وأخذ “يذكر” أباه بالاعمال السيئة التي قام بها أخوه -موقف الابن الأكبر تجاه أبيه صعب جداً- عوض أن يستر خطايا الجهل عند أخيه، وهذا ما كان يمكنه أن يعزي الأب الذي لاقى ابنه الأصغر راجعاً اليه، ها هو يوقد النار في قلب أبيه وكأنه يقول له: أخي لا يستحق أن يدعى ابناً لك بعد أن قام بهذه الاعمال. فكيف تسمح أن يدخل بيتك من جديد! انه غير مستحق لذلك! واذا قبلته سأجرح قلبك ثانية بالاّ أدخل إلى البيت!…
أيها الأحباء جداً بالرب، ان فرح الأب السماوي هو في استقبال بنيه أجمعين، فلا نقع بدينونة اخوتنا لأننا إذا استسلمنا لها نكون معرضين بتصرفنا هذا أن نبقى نحن أنفسنا خارج البيت الإلهي الذي نحن مدعوون مع الجميع أن نكون أبناء فيه. ألا أهلنا الرب بنعمته إلى التمتع بالدخول اليه. آمين.

العدد 9 – في 27 شباط 2000
أحـــد الابن الشاطر

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share