“العذراء الكلية القداسة” – المطران بولس (بندلي)
مريم فتاة من شرقنا اصطفاها الله لكي تكون أماً لربنا يسوع المسيح -وهكذا أتت بالبركة السماوية إلى أرضنا اذ ولدت طفلاً هو الاله الذي قبل الدهور.
انها العذراء الكلية القداسة -انها الدائمة البتولية التي لم تعرف خبرة الزواج ومع ذلك حلَّ الروح القدس عليها وولدت للعالم أجمع مخلّصاً أتى ليضع نهاية لمأساة تغرّب الإنسان عن خالقه -بسبب الخطيئة التي أبعدت الجنس البشري عن الله هلك الإنسان لأن حياته الحقيقية هي في الله ومع الله الذي به نحيا ونتحرك ونوجد -والله من أجل تحننه تجاهنا لم ينسنا أبداً، أتى إلينا بنفسه وأراد أن يجتاز إلينا عبر قناة بشرية، تلك الفتاة التي تأملت بنفسها فوجدت أنها لا شيء بحد ذاتها فصرخت قائلة: “تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر إلى تواضع أمته فها منذ الآن تطوبني جميع الأجيال”.
ان القداسة تتحقق بفرز أنفسنا لله، أن نصبح “حصة” الله كما كانت البواكير تخصص قديماً للقدوس الواحد الرب الواحد يسوع المسيح -أما مريم فاستسلمت كلياً لمشيئة الله وقالت: “أنا أمَة للرب فليكن لي حسب قولك” تلقائياً لم تترك لإرادتها الذاتية أي مجال. ولسان حالها يقول: “أنا لله ولا أريد أن أترك أي زاوية لنفسي -أنا له كلياً فليوجه حياتي بتدبيره الخلاصي.
فكانت بتسليمها هذا كلية القداسة، فائقة القداسة، كما ندعوها ولذا ولدت كلمة الله القدوس، الأقدس من كل القديسين بل مصدر كل قداسة.
أيها الأحباء نتأمل بهذا ونحن نحتفل بعد غد بعيد رقاد مريم العذراء الكلية القداسة -انه عيد أعيادها حيث أسلمت روحها الطاهرة بين يدي ابنها الالهي.
نحن مدعوون أن نكرمها! الا يتحقق ذلك بأجلى بيان إذا شاركناها في عذريتها -في بتوليتها أي أن تكون حياتنا لا تبغي سوى تحقيق ارادة الابن الإلهي الذي ولدته لنا -أي أن يكون الله لا شريك له في تفكيرنا وفي قلبنا وفي حياتنا؟
وهل نحن نفكر بطريق القداسة الكلية التي سارت فيه بكل أمانة وهي فتاة من أرضنا؟ هل نحن مستعدون أن نتخذها مثالاً حياً فنودع مثلها حياتنا كلها بين يدي الذي شاء أن يصبح ابناً للعذراء وعبر التجسد منها، أخاً لكل واحد منا؟ هذا ما نحن مدعوون اليه! فنضرع إلى الرب أن ينعم علينا بذلك فنعلّي معها القدير الذي صنع بنا العظائم والقدوس اسمه والذي رحمته إلى جيل فجيل للذين يتقونه. آمين
العدد 33 – في 13 آب 2000
الأحـــد الثامن بعد العنصرة