مرسيل مرقص
أيّها الإخوة، أيّتها الأخوات.
لمّا كان العازر مشرفًا على الموت ووافاه يسوع، لاقت يسوع من بعيد مرتا أخت لعازر وقالت له: يا سيّد هوذا الذي تحبّه مريض… ولمّا وصل يسوع الى بيت عنيا فكان لعازر قد مات، قالت مرتا ليسوع: يا سيّد لو كنت ههنا لم يمت أخي.. فبكى يسوع فقال اليهود: انظروا كيف كان يحبّه..
أيّها الإخوة، أيّتها الأخوات
إذا كان العالم مشرفًا على الموت، ويسوع يوافيه في كلّ حين فالحركة تلاقي يسوع وتقول له: يا سيّد هوذا العالم، العالم الذي تحبّه مريض، وإذا ما فسد العالم ومات، فالحركة تقول ليسوع: يا سيّد لو كنت ههنا لم يمت أخي.. وإذا ما بكى يسوع عاد أمل إلى العالم بالقيامة: لعازر هلمّ خارجًا..
أمّا إذا كانت الحركة مشرفة على الموت ويسوع قد وافاها مرارًا وتكرارًا، من بعيد ومن قريب، فمن يلاقي يسوع ويقول له: يا سيّد هي ذا الحركة التي أحببتها مريضة؟ وإذا ما انطفأت الحركة وماتت، من ذا الذي يقول ليسوع: يا سيّد لو كنت ههنا لم تمت الحركة؟..
إخوتي إنّ النعمة التي أعطانا إيّاها الربّ كم هي ثمينة أفهل ندعها تزول؟ في العالم اليوم شرّ كثير.
لقد أصبحنا اليوم نتنشّق النسيم فاسدًا أثيمًا فنرتاح له لأنّنا عدنا لا نشعر بأنّه خانق أثيم. لا استقامة اليوم ولا عفّة، التواضع خزي والمحبّة ضعف وانحلال، في الكنيسة مَن يصلّي؟ لقد أصبحنا نخجل من الصلاة. أين في بيوتنا يسوع، وبعد قليل، ستعلّم مدارسنا الإلحاد.. لقد جعلوا الظلم نورًا والنور ظلامًا.
إخوتي إنّ النعمة الثمينة التي بها نعاين ونلمس الشرّ الكثير ونرى النور نورًا والظلام ظلامًا، هل ندعها تزول؟ هل ندع الشرّ يسري في عروقنا حتّى الموت؟ هل ندعه يطغي على الجميع لا يترك زاوية إلّا ويقبع فيها ونحن من المصابين؟ إذا فسد الملح فبماذا يملّح؟ نحن الذين اهتزّ كياننا يومًا للحركة.. «أنتم الذين بالمسيح اعتمدتم.. » قولوا لي ألا تشعرون بحسرة في الأعماق عندما تذكرون تلك الأيّام الغابرة، ألا تقولون حينئذٍ عن أنفسكم بينكم وبين أنفسكم انظروا كيف كان يحبّه؟
«أمِل أذنك واسمع كلام الحكماء ووجّه قلبك إلى معرفتي»، «اسمع أنت يا ابني وكن حكيمًا وارشد قلبك في الطريق»، «يا ابني أعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرفي..».
أيّها الأخوة وأيّتها الأخوات، منذ ثلاثة أسابيع اجتمع رؤساء الحركة ورأوا وجميع الأخوة معهم من كلّ صوب، أنّ الحركة بحاجة إلى نهضة وتجديد. ومنذ ذلك اليوم تقرّر عقد هذه الاجتماع العامّ لنجتمع ونقرّر معًا النهضة والتجديد.
الحركة أخوتي لن تموت. لأنّنا قرّرنا منذ البدء أن نعطي قلوبنا للربّ ولأنّ الربّ أعظم من قلوبنا. فارغة وقاحلة كانت أم عامرة، متقسّمة متيبّسة أم متندّمة، بائسة أم مترحبة، سنعطي قلوبنا للربّ. «رأيت طرقه يقول الربّ وسأشفيه وأقوده وأردّ تعزيات له ولنائحيه. سلام سلام للبعيد وللقريب قال الربّ وسأشفيه».
ويكون شفاء لنا ولمن حولنا. ويصلّي الناس في الكنيسة ولا يخجلون من رسم علامة الصليب. وتكون عائلاتنا مباركة من الربّ بالمجد والكرامة. والمرأة فاضلةً «وثمنها يفوق اللآلي».. ويكون التاجر مستقيمًا. والموظّف مخلصًا، والعامل مجدًّا نشيطًا لا بغض في قلبه ولا حقد في عينيه. والطالب يرتشف العلم والمعرفة ويسجد لله الذي قال أنا هو الحقّ. ويكون الربّ في كلّ منّا محبًّا متواضعًا. في اجتماعاتنا واقتصاديّاتنا وكلّ مظاهر حياتنا، برنامج عمل معيّن نحقّقه رويدًا رويدًا خطوة بعد خطوة. وكلّ فرقة بحسب مستواها ومحيطها. نحقّقه بترتيب ونظام وقوّة. لأنّه: «مدينة متهدّمة بلا سور الرجل الذي ليس له سلطان على روحه». نحقّقه بصبر. نحقّقه ولا نتزعزع «لأنّ الله معنا».
أخوتي، إذا كانت الحركة مشرفة على الموت فلا حاجة إلى من يذهب ويأتي بيسوع. لأنّ يسوع يوافيها وهو فيها. يا سيّد هي ذا التي تحبّها مريضة ولكن أنت هنا فهي لن تموت. إن ضعفت فهي تبكي وأنت تبكي معها لأنّك تذكر كيف أحببتها في البدء وما تزال، فتتحوّل دموعها إلى دموع توبة وفرح ومحبّة، وستلبّي نداءك القويّ بحرارة، أيّها السيّد، حينما تقول: لعازر، هلّم خارجًا..
اللاذقيّة في ١٨ شباط ١٩٥١
( خطاب رئيس اللجنة الثقافيّة الأستاذ مرسيل مرقص في الاجتماع العامّ للمركز)
المرجع: مجلّة النور، العدد الثالث، آذار، ١٩٥١.