الأرشمندريت إلياس مرقص
«إن أخطأ إليك أخوك سبع مرّات في اليوم ورجع إليك سبع مرّات في اليوم قائلًا أنا تائب فاغفر له».
لا شكّ في أنّ كلّ واحد منّا – بطبعه الذي طُبع عليه – يخطئ إلى العائشين معه سبع مرّات في اليوم، بل أكثر (لأنّه من المعروف أنّ الرقم ٧ يرمز إلى «الكمال» والكلّيّة)، أيّ إنّنا نستمرّ النهار كلّه في زلّاتنا وكأنّنا مقيمون فيها: «بالخطايا ولدتني أمّي»: (نقد، إدانة، انفعال، تسلّط،، تكبّر، عدم أمانة، عدم استقامة، عدم صبر، بخل…).
هذا ومن يعرف ذاته بالعمق حقًّا وحقيقة، (وقد يحسّ بأنّ حياته الروحيّة كلّها باطلة أمام الربّ لكونه لا يبتغي فيها في الواقع سوى مراعاة نفسه وإظهارها أو إرضاء الناس)، يفهم قول القدّيس إسحق السريانيّ القائل إنّنا إنّما نحتاج إلى التوبة طوال الأربع والعشرين ساعة في اليوم.
ثمّ يدرك أنّ ضرورة التوبة العميقة المتواصلة هذه تفرض عليه الصراخ الدائم من كلّ القلب لا بصورة رتيبة سطحيّة: «يا يسوع ابن الله ارحمني أنا الخاطئ».
وعندها لا يعود لديه المجال ليدين الآخرين كما أوصانا الربّ، (وهي من أهم الوصايا كافّة) فلا يلتفت إلى أخطائهم، بل إلى زلّاته هو.
وتاليًا يعيش في ما يُسمّى بالأدب النسكيّ «بتوجّع القلب» (وهذا أمر أساس جدًّا في الحياة الروحيّة). ويمارس صلاة التوبة الدائمة ملتمسًا بانسحاق كامل وثقة كلّيّة رحمة الربّ التي لا حدّ لها… «لأنّ إلى الأبد رحمته».
وهكذا يكون في سلام: «رحمتك يا ربّ تتبعني جميع أيّام حياتي». وإذا مارس جميع الإخوة هذا النهج تكون الجماعة كلّها في سلام.
فيا ليتنا ننتبه كفاية، وندرك مدى حكمة أقوال الربّ يسوع الحياتيّة في الكتاب المقدّس كلّه لنعيش بموجبها، ونتغلّب على كلّ شبه شرّ… ونشكر الربّ.
ولكن حتّى نصل عمليًّا إلى ذلك لا بدّ من الجهاد الدؤوب، وعند الاقتضاء الرجوع دائمًا بعضنا إلى بعض طالبين الغفران والمصالحة ببساطة واتّضاع، بنعمة وصبر الربّ يسوع له المجد، آمين.
المرجع : مجلّة النور، العدد السادس، ٢٠٠٥.