عاشت القدّيسة أفروسيني في أيام الأمبراطور ثيودوسيوس الصغير. بقي أبواها مدّة طويلة من الزمن بلا ولد، فقدّما النذور ورفعا الصلوات الحارة وصنعا الإحسانات الكثيرة علّ الله يتحنّن ويمن عليهما بثمرة البطن. أخيراً، وبعد انتظار طويل، منّ عليهما بمولود أنثى أسمياه بهيجة (أفروسيني).
نشأت القدّيسة على محبّة المسيح. نوفيّت والدتها وهي طفلة، فتعلّق بها والدها تعلّقاً شديداً، وكان من أشراف مدينة الإسكندرية، غنيّاً جداً. ولمّا كبرت الفتاة وصارت في عمر الزواج، فأراد والدها أن يزوجها فأبت فألح فرضخت. لكنّها، ساعة زواجها، قامت فتزيّت بزي الرجال وخرجت من البيت سرّاً، وذهبت فالتصقت بدير للرجال مدّعية أنّها خصي وأنّ اسمها سماراجد.
كانت ملتهبة بحبّ يسوع، وقد أقبلت، بهمّة كبيرة، على النسك وبالغت فيه حتّى تعذّر، بعد وقت قصير، أن يتبين الناظر إليها أنّها امرأة، لأن بدنها يبس وملامح وجهها تغيّرت. ويبدو أنّها فاقت أقرانها من الرهبان في الأتعاب والأصوام والصلوات والأسهار، وأضحت مثال الطاعة والخدمة واللطافة والتواضع.
أمضت القدّيسة 38 سنة من نسك شديد، ثم مرضت واشتدّ عليها المرض. كان كثيرون يأتون إليها ويسترشدون. ومن الذين قصدوها سائلين التعزية والنصح بفنوتيوس، والد أفروسيني.
هذا جاء إلى رئيس الدير فأحاله على الراهب سماراجد، وعرفته هي لكنّه لم يعرفها، فكانت تشدّده بسبب حزنه الكبير على ضياع ابنته، وتقول له أنّ الربّ الإله سوف يفتقده برؤيتها في هذا الدهر.
ولمّا أشرفت على الموت فكشفت لوالدها عن نفسها، ثم طلبت إليه أن يترك للدير ميراثه ويهتم بدفنها. وبعدما رأت أن كلّ شيء قد تمّ أسلمت الروح. كلّ عذا مرّ أمام عيني بفنوتيوس وطرق أذنيه بسرعة، فلم يعِ أفي حلم كان أم في يقظة! دهشته وحزنه كانا عظيمين، وقد بكى بكاء مرّاً. ثم أن همّه، أمام ابنته الراقدة، بات أن يتمم ما أوصته به، فقام ووزّع ثروته على الفقراء والدير، وعاد فترهّب وسكن في قلاية الراهب سماراجد عشر سنوات، ورقد في الربّ بعدها رقود القدّيسين.
طروباريّة
بكِ حُفظت الصورة باحتراسٍ وثيق أيّتها الأمّ أفروسيني،
لأنّك حملت الصليب، وتبعت المسيح، وعملت وعلّمت أن يُتغاضى عن الجسد لأنّه يزول،
ويُهتمّ بأمور النفس غير المائتة، فلذلك أيتها البارّة، تبتهج روحُك مع الملائكة.