القديس كبريانوس ويوستينة البتول
كان القدّيس كبريانوس أحد الرجال المعروفين في أنطاكية في زمانه. فلقد تسنّى له أن يحصّل قدراً وافراً من العلوم الدنيوية، انصرف بعدها إلى ممارسة السحر، فبرع فيه إلى حد أن الوثنيين كانوا يقصدونه من كلّ صوب ويطلبون إليه أن يتوسط لدى الشياطين ليؤدوا لهم خدمات محدّدة أو يتسببوا في أذية بعض الناس أو تحريك بعضهم الآخر في هذا الاتجاه أو ذاك. وقد طوّر كبريانوس عمله فاطّلع على شتى أنواع كتب السحر وزار أمكنة اشتهرت بسحرها وسَحَرتها وأخذ عنها الكثير، كلّ ذلك جعله رجلاً غنيّاً مخوفاً. ولا شك أنّه تسبّب في أذية الكثيرين، ولم يكن يبالي.
ثم أن عذراء من عذارى أنطاكية اسمها يوستينة، كانت على الوثنية ووحيدة والديها، اهتدت إلى الربّ يسوع واعتمدت هي وأبواها. هذه التقت بكبريانوس فأعجب بها وفتن بجمالها فوقع بحبّها وحاول التودّد إليها فصدّته، فسعى بما أوتي من علم بالسحر وبما كان عليه من صلات بالأرواح الضالة، أن يجعلها ترغب فيه، وبذل جهداً كبيراً ليظفر بالفتاة فلم ينجح. لم يترك طريقة من الطرق إلا وجرّبها ففشل فشلاً ذريعاً، عند ذلك وجد نفسه راغباً في التعرف إلى إله المسيحيين، فانكبّ على المسيحية يتعلّمها واهتدى إلى الإيمان بالربّ يسوع. ونتيجة لذلك، جمع كلّ الكتب السحريّة وأحرقها علانية وجمع أمواله ووزّعها على الفقراء. وصار همّه أن يكفّر عن خطاياه الكثيرة وأذيته للناس بدموع حارّة وأعمال محبّة تفوق ما سبق أن أتاه من شرور.
ثم أن أسقف المدينة لاحظه فجعله كاهناً. وحدث اضطهاد على المسيحيين في زمن الأمبراطورين ذيوكليسيانوس ومكسيميانوس فقبض على كبريانوس ويوستينة وعُذِّبا ورُميا في الزفت المحمّى وأخيراً قطعت هاماتهما وكان ذلك سنة 304م.
الطروبارية
صرت مشابهًا للرسل في أحوالهم وخليفةً في كراسيهم،
فوجدتَ بالعملِ المرقاةَ إلى الثاوريّا، أيّها اللاّهج بالله،
لأجل ذلك تتبّعت كلمة الحقّ باستقامةٍ، وجاهدت عن الإيمان حتى الدّم،
أيّها الشهيد في الكهنة كبريانوس، فتشفع إلى المسيح الإله في خلاص نفوسنا.