شفاء المفلوج

mjoa Sunday March 11, 2012 202

بعد أن تجوّل السيد حول بحيرة طبرية، دخل الى كفرناحوم التي صار ساكنها بعد أن ترك الناصرة. استضافه بيت لعلّه كان مُلكا لأحد التلاميذ. كثر الوافدون الى هذا البيت لمّا سمعوا أنه فيه “فكان يخاطبهم بالكلمة” أي بموسى والأنبياء. اذ ذاك قدّموا اليه مخلّعا (حسب ترجمتنا) اي مفلوجا. ولما لم يستطيعوا أن يقتربوا اليه بسبب الازدحام نقبوا السقف. مثل هذا السقف المصنوع بألواح خشبيّة وشيء من التراب معروف في جبال لبنان.
توّا يقول يسوع للمفلوج: يا بنيّ مغفورة لك خطاياك. هذا في عرفهم تجديف لأن أحدا من كهنة اليهود او من أنبيائهم قديما لم يتفوّه بمثل هذه العبارة. الكتبة وهم من علماء الشريعة ما كانوا يعرفونه إلا بشرا. لذلك استهجنوا قوله انه قادر على غفران الخطايا.

إلاّ أنه أثبت صحة ادعائه القدرة على الغفران اذ قام بالشفاء الجسديّ بعد أن أعطى الغفران. قال للمريض كمن لـه سلطان: “قم واحمـل سريرك واذهب الى بيتك”. وهو أكّد لليهود بعمليّة الغفران وعمليّة الشفاء أن له سلطانا على جسد الانسان وعلى روحه.

توّا بعد أن شُفي المفلوج بكلمة، “قام للوقت وحمل سريره وخرج أمام الجميع حتى دهش كلهم” وقالوا: “ما رأَينا مثل هذا قط”. ربما كان بين هؤلاء القوم من سلّم يسوع الى الموت. واضح من هذه الأعجوبة أن اهتمام السيد هو أولا شفاء النفس من الخطيئة، والمرتبة الثانية شفاء الجسد، وقام بهذا في صنعه معجزات كثيرة.

اذا مرض أحدنا، أهم هاجس عنده أن يتوب، لأن المصيبة ليست أن يموت ولكن أن يموت غير تائب. لا مانع من أن يسأل المريض شفاءه من الله دون أن ينسى شفاء نفسه. واذا دُعي الكاهن الى مريض وصلّى فلا تنحصر صلاته او طلبته بالشفاء. المهم قيامتنا من الخطيئة وسلامتنا مسلّمة الى رعاية الله لنا. لعلّ المرض كان أحيانا هزّة تُذكّرنا بضرورة العودة الى الرب.

يكون الرب سمح بمرض او بحادثة. هذا لا يعني أنه بسبّب المرض او الحادثة. الله ليس علّة اوجاعنا. هو يُقيمنا منها لكي نقترب اليه.

من يعي أن الخطيئة مصيبة المصائب وأن ليس شيء أسوأ منها؟ وعجبي أننا نسهر على صحّتنا لئلا تتدهور، وقلما نسهر على نفوسنا كي لا تقع في التجربة. هل الغضوب مثلا يسأل نفسه: كيف أُروّض نفسي حتى أَكتسب الهدوء؟ او من يقول لنفسه: هؤلاء ناس يجب ألاّ أُعاشرهم لئلا أَتبعهم في السيئات التي يرتكبون؟ وبكلمة، كيف أسعى أن أَضمّ نفسي الى يسوع في كل ظرف اجتماعي أكون فيه؟ ثم كيف أُقوّي نفسي في الإيمان، في روح الصلاة، في دوام الصلاة لئلا أَزلّ. بعبارة واحدة: هل انا مُحبّ للفضيلة حقا أَم أُوهمُ نفسي بذلك؟ هل همّي، حقيقة، أن أُلازم الرب يسوع ليصبح هو حياتي؟

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).
رَعيّـتي تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share