حديث الأمين العام في اللقاء المركزي – 19 -21 أيلول – بكفيا, لبنان

mjoa Thursday September 25, 2008 351

سُئل معلّمنا الكبير الأخ كوستي بندلي، مؤخّراً ، عن سبب تفاوت مستوى تأثير  الحركة في الأشخاص  الملحوظ حتى لدى إخوة نموا معاً في محلة واحدة و فرع واحد وكنف مرشد واحد وربمّا تلقّوا تعليمًا واحداً؟  فأجاب  بكلمات  قليلة “إنّه سرّ الحريّـة”. هذه الحريّة التي اختصرها الربّ بقوله: “إني أقف على الباب وأقرع، إن فتح لي أحد أدخل وأتعشى معه، وهو معي”، والتي، بها، ننطلق لنجيب المسيح على دعوته. فإما أن نفتح الباب وندخل في حوار كيانيّ معه، وإما أن نتعامل مع هذه الدعوة بشكل سطحيّ انتقائي وإما أن نرفضها بالمطلق.

 

.

لهذا أشكر الله  اليوم ليس على هذا اللقاء فحسب.  هذا اللقاء سيُسهم، بالتأكيد، في عجن الأسماء، في عقولنا وقلوبنا، بالوجوه لتتجلّى صورة الأشخاص في ضمائرنا  بشكل أوضح، وسيعمّق المعرفة ووجوه الشركة بيننا لتزيد حياتنا كجماعة وتنمو. لكن أشكره، أيضاً، على ما يدلّ عليه اشتراككم  في هذا اللقاء  واللقاءات التي سبقت، وبالأخصّ على ما يدلّ عليه انتماؤكم الجدّي الى هذه الحركـة، وهو كونكم، كشباب حركيّ، قد أحسنتم ، بفعل الهام الربّ لكم ونعمه عليكم، التعامل والحرية الموهوبة لكم واخترتم الطريق الأفضل والأفعل، طريق  الالتزام بيسوع المسيح الذي هو طريق الخلاص

 

أنا لا أقول أنكم اخترتم الطريق الأسهل، لأنّ طريق الالتزام هو دائماً، بمنظارنا البشري،  الطريق الأصعب. وهذا ما يؤكّده أننا كثيراً ما نشعر، بسبب ضعف بشريتنا، بهذه الصعوبة  ونشتهي، أحياناً، لحظات راحة من الجهاد ضد المغريات ومن وجوه الالتزام في حياتنا. لكنّ  الأمر الذي  يثُبّتنا في هذا الطريق ويقوّينا هو انّه كّلما استحضرنا قضية يسوع المسيح أمامنا، وتأملنا في محبّته لنا  المكلّلة بالفداء، وفي رحابتها ووسعها، وعرفنا أن كلّ الجمالات التي نعيشها هي من فعلها وتأثيرهـا وتعابيرها في وجوه حياتنا، وتحسّسنا روعة هذه الجمالات وتمايزها، والتي منهـا هذه الجماعة الحركية وما كُشف لنا عبرها ونعيشه في رحابها من غنى في الاخلاص والعطاء والشراكة، كلّما تأكّدنا أن ما  نشتهيه، في لحظات ضعفنا،  ما هو إلا الميوعة والتفاهة وما يُفرغ انسانيتنا من الآفاق التي ترتقي بها فوق أن تختصّ بأنواع الأكل والشرب والملبس والجنس الرخيص والأهواء ومظاهر الاستهلاك المختلفة ويشدّها للاستسلام الى تسلّط الأهواء،  لنفقد، حينها، فرادتنا والخلاص.

 

هذا ما يوضح لنا أن أهمّ ما يعنيه انتماؤنا  الى حركة الشبيبة الأرثوذكسية هو أننا ننتمي الى رؤية تقوم على المحبّة، أي تؤسَّس عليها، لكون منبع  الحالة الحركية، وكما يعبّر المؤسسون كثيراً، هو التحسّس بمحبة الله الهائلة هذه.  ولأن الله هو من “أحبّنا أولاً”، كانت قُبلة رؤيتنا وغايتها مبادلته هذا الحبّ.  وهذا ما يوضح لنا أن انتماءنا الى الحركة هو انتماء الى ورشة بناءٍ للشخص والجماعة، تعاضدية شركوية،  تهدف الى تحريرنا من تسلّط الخطيئة واخراجنا من حال الفراغ باتجاه أن نملأ ذواتنا بيسوع المسيح.  ولأن المسيح هو ألفها وياؤها  تلتصق الحالة الحركية  بجسده، أي بالكنيسة، لا بل تنبثق منها لتتحلّى بمدى الكنيسة الأنطاكي والكونيّ وتطال آفاقـها وامتدادتها  كلّ وجه وشأن من شؤون الحياة، لأن الكون، بأكمله، وبكلّ وجوهه وشؤونه، يخصّ يسوع المسيح، والحالة الحركية هي منه وله.

 

هذه هي مفاهيم انتمائنا الحركيّ وأبعاده  التي لا يمكن أن نسلك في حياتنا الحركية أو ننظر اليها أو نقيّمها أو نحكم على وجوهها بغير الارتكاز والقياس عليها. فبغير  القياس على هذه الأبعاد لا نكون أمناء للرؤية الحركية الأصيلة بل  أتباع رؤية غريبة مشوّهة قادتنا اليها أسباب عدّة.

أيها الأحبة، اذا شئت، اليوم، أن أتخطّى ذكر الومضات المنيرة الكثيرة الملحوظة جداً في حياة كلّ منكم وفي حياتنا كجماعة والتي تعكس المسيح للناس بأبهى صورة فإنما هذا لايماني الراسخ أنها من فعل الله من خلالكم وبهدف توفير الوقت والاستفادة منه للتقدّم بمسيرتنا الى الأمام. ذلك لكوني أرغب في التأمّل ببعض ما تبرزه مفاهيم انتمائنا الحركيّ هذه من ثغرات في مسيرتنا منطلقاً، كذلك، مما أوحته لي اجاباتكم على الاستمارة التي وُضعت تحضيراً لهذا اللقاء.  ألحظ أن صفوفنا الحركية يعتريها اليوم ما يلي:

– ضعف اهتمام  وحضور وتأثير ثقافي واجتماعي مقرون بغربة عميقة عما يحيط بنا من قضايا وهموم، حتى منها الهموم الكنسية والرعائية.
– ضعف في المعرفة الدينية وبعض الضعف في وجوه التزام حياة الكنيسة.
– غياب المفهوم السليم للكنيسة – كجماعة شعب الله – لدى شريحة وافرة من شبابنا وعدم وضوح دور الاكليريكي والعلماني فيها  لديهم.
– صعوبات في العلاقات الداخلية في بعض الفروع والمراكز، تتجلّى خصوصاً ما بين العضو والمسؤول، والمسؤول الأكبر ومن دونه مسؤولية، وبين شرائح حركية بسبب اختلاف الرؤى أو تعدّد المرجعيات والآباء الروحيين.
– تفاوت لا يستهان به في الهواجس والاهتمامات، خصوصاً بين الأمانة العامة والحركيين في المراكز والفروع.

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share