قال الرب لتلاميذه: “أنتم نـور العالم. لا يمكن أن تُـخفى مدينة واقـعة على مرتفع ولا يوقَـد سراج ويـوضع تحـت المكيال لكن على حامل السراج فيضيء لجميع الذين فـي البيت. هكذا، ليـضئ نـوركـم قدام عيون النـاس لكي يمجِّدوا،
وهم يـرون أعمالكم الحسنة، أباكم الـذي في السموات. لا تظنّوا أني أتيـت لألغي الناموس والأنبياء: إني لم آت لألغي لكن لأتمم. في الحقيقة أقول لكم: لأنه، قبل أن تزول السماء والأرض وقبل أن يتم كل شيء، لا يزول من الناموس حرف واحد ولا تزول نقطة واحدة على هذا الحرف. من الآن فصاعداً، مـن يخرق واحدة من أصغر هذه الوصايا ويعلّم الناس أن يعملوا مثله يُدعى الأصغر في ملكوت السموات؛ أما الذي يعمل بها ويعـلّـمها فهذا يُدعى عظيـماً في ملكوت السموات (متى 14:5-19)
العمل الحسن الذي يقوم به القديسون (المسيحيون) وصية من المسيح. العمل الحسن (الجديدي) يفوق الناموس (القديمي) ويسمو عليه والمشرِّع واحد، يسوع المسيح. تسامت وصية القتل الفعلي إلى العنف الكلامي والفكري. تسامت وصية الزنى الفعلي إلى الزنى التصوري…
النور الساكن فينا الذي لبسناه بالمعمودية والذي يسطع فينا إلى خارج يجعل منا آلات فضيلة وليس منفذي وصايا ناموسية وحسب. غائية طاعة الناموس –كإرضاء الله مثلاً- تسامت إلى أن تصير رغبة في اقتناء فضائل الناموس الموسعة بيسوع. طاعة الناموس العمياء بسبب الثقة بالله تسامت إلى أن تكون رغبة جامحة بالانسكاب على فضائل الناموس الموسعة بيسوع، حباً بيسوع. في الواقع، صرنا نعرف الله بيسوع. في العهد القديم، كانت معرفة الله من خارج. في العهد الجديد صارت المعرفة من داخل…
مشروع المسيحي أن يعمل بالوصايا ويعلِّمها. من المحال أن تغضب وأنت تقول للناس لا تغضبوا. من المحال أن تكره وأنت تقول للناس لا تكرهوا… المسيحي الصالح هو من استأصل من شخصه بالصوم والصلاة والنسك – بالهدوئية – كل ما هو ضد وصايا المسيح. وصار لنفسه وللآخرين الفضيلة والصلاح وكل ما هو حسن كالله. صار الفضيلة وليس يعمل الفضيلة وحسب. صار الصلاح وليس يعمل الصلاح وحسب… ألغى الازدواجية من شخصه وصار إلهاً لله، إبناً لله… من المحال، عندما تكون نوراً (من نور) كالمسيح (بالنعمة)، أن يشوبك سواد ما… من الآن فصاعداً، لن تخرقَ أيةَ وصية لا بالقول ولا بالفعل لأنك جُبِلت من جديد بالنور وليس من التراب…
العالم اليوم يئن ويحِنُّ إلى نور الرب… النور (المسيحي) معه ولا يراه ولا يقْبَله… على مسامع وأمام عيون عالم لا يهدأ الشرير ولن يهدأ في محاربته، منذ ألفي عام، مقولة يسوع تدوِّي: أنتم نور العالم… متى سيفهم هذا العالم… ويمجِّدُ الله.