أيقونة الضابط الكل

mjoa Friday November 23, 2012 1003

أيقونة الضابط الكل

أيقونة الوجه المنير الساطع, دستور الإيمان في صورة , لاهوت التجسّد خطّته ريشة رسّام, النظرة التي تفحص القلوب والكلى, الصوت المنادي كلّ فرد باسمه. تجسّد ساعة الحقيقة, النار التي تكشف وتمحّص, العلّيقة المضطرمة التي تراءت لموسى والنسمة العلية التي نفحت لإيليا, وجه آدم النقي المنبعث من يدي الخالق, الله الذي لم يره إنسان قط,

شاء فتنازل وأعلن عن نفسه لمخلوقاته. في صمته بلاغة وفي يده حركة وفي صموده ضبط. صورة الإله المتجسّد في أحشاء بتول, الذي ليس له أب على الأرض و ليس له أمّ في السماء, صورة مسيح الجلجلة بعد أن تمجّد بقيامته, وعاد إلى يمين الآب . إنه مرافق المسافرين, و معزّي اليائسين والضابط في يده المسكونة . إنه القدير, وإن ظننته على الصليب ضعيفاً محتقراً, الظافر بعد معركة الجحيم وانتصاره على الشرير. إنه القوة الفعّالة الناجعة. والطاعة المتجسّدة لمشيئة الله, إنه الضابط الكل كما تسميه الكنيسة : أي صورة الله الإنسانية وصورة الإنسان المتألّه .
رأسه محاط بهالة من نور كتب عليها OΩN, أي هو الوجود المحض, الكائن المحض, الذي لا يستمد وجوده من أحد. إنه ابن الله و لكن لم يكن برهة من الزمن وجد الله بدونه. يبارك بيده اليمنى وحركة أصابعه توحي بحرفين يونانيين ω α أي أول الحروف اليونانيّة وآخرها. هو البداءة والنهاية الألف والياء, يحّد الكون بأسره, والتاريخ كلّه ليس إلّا انتظاراً لمجيئه الثاني. نظرته تقول ” من رآني رأى الآب “. ومن ابتغى الوصول إلى الآب عليه أن يمرّ بي حتماً, ومن شاء الوصول إليّ عليه أن يقرأ ما كتب بيدي اليسرى. إنه الضابط الكلّ , الحامل الكتاب المقدّس , الكلمة المتجسّد الحامل الكلمة المكتوبة. هو الدينونة, وجوده التاريخي كان دينونة: شكر الإنسانية إلى شطرين معه وضدّه, ولا فتور إزاءه !
صارم ولكن بدون عنف, حازم ولكن حزمه مبطن بوداعة فائقة, وطيبة تذيب الصخور. يدعونا ” تعالوا إلي يا حاملي الأثقال وأنا أريحكم “, كم نرتاح نفسانيّاً لا جسدياً, إن نحن حملنا معه الصليب, صليب الحياة ثقيل جداً ومضنٍ إن حملناه وحدنا, سحقنا ! ولكنه حمل صليبنا ودعانا إلى أن نحمله معه, فخفّ ثقله واقتربنا منه. سمعان القيروانيّ نبراسنا, أخذ بركته, دلّنا على الطريق, أشار إلى أنّ الجلجلة معه محتملة ولكن بدونه جحيم..
الضابط الكلّ مهدّئ فما حاجتنا بعد إلى مسكّنات, فهو يعطينا شعور أمن عميق, فالضبط عكس الفوضى وعكس الارتخاء والإهمال . الضابط هو من يمسك في قبضته كلّ شيء بقوة, بحزم, بمثابرة, بسهر, بتؤدة لئلا يخنق. والمسيح حامل في قبضته كلّ شيء خوفي أن يفتح يده فينهار كلّ شيء ويتفتّت, وهناك ” البكاء و صرير الأنان ! ” خوفي أن يتخلى الرّب عن جبلته فنفلت في العدم ونتبعثر !

الضابط الكلّ هو المسيح في مجده الإلهيّ, ولذلك يبرز في قبب الكنائس ليحضنها ويباركها, وعن يمين الباب الملوكيّ أيضاً ليواجه المؤمنين. عندما سُئِل يهوه عن اسمه, أجاب موسى ” أنا هو” أي أنا الكائن والوجود المحض, هذه الصفة الخاصّة بالله الآب ” أؤمن بإله واحد آب ضابط الكلّ”, جعلتها الكنيسة للمسيح تثبيتاً لألوهيّته, ولكي تبرهن على أن هذه الصورة, هي صورة الله الإنسانيّة, وهي أيضاً صورة آدم التي شوّهتها الخطيئة والتي أعادها المسيح إلى أصلها البهيّ بدم الجلجلة ومياه المعموديّة.

2 Shares
2 Shares
Tweet
Share2