تقترب الانتخابات النيابيّة فتعلو نبرة الخطاب الطائفيّ والمذهبيّ. وتدرك أنّ أهمّ عامل ينبغي العزف على وتره لكسب شعبيّة معقولة للنجاح في الانتخابات إنّما هو هذا الخطاب الغرائزيّ. ثمّ يأتيك مَن يحدّثك عن الشعب اللبنانيّ الذي لا يختار ممثّليه إلاّ بناءً على ما فيه مصلحة الوطن ومنفعة المواطنين. ويأتيك أيضًا مَن يحدّثك عن الوعي الذي حازه…
يخرج المشاهد من مسرحيّة “الحرم الكبير” (تأليف الأب فادي تابت) بانطباعات شتّى، أبرزها أنّ مَن سبّب الانشقاق بين الشرق والغرب المسيحيّين عام 1054 شخصان شرسان يتملّكهما الغضب هما البطريرك القسطنطينيّ ميخائيل كيرولاريوس والكاردينال هومبرتو، فيما توحي المسرحيّة للمشاهد أنّ البابويّة بريئة ممّا حدث آنذاك إذ تقدّم البابا لاون التاسع قدّيسًا يصلّي في كلّ حين من…
رحل أوليفييه كليمان بعد مرض عضال أقعده جسديًّا ولم يستطع أن يقعده عقليًّا، فاستمرّ في الانتاج الفكريّ إلى آخر لحظة من حياته الممتدّة على سبعة وثمانين عامًا. هو المؤرّخ واللاهوتيّ الذي أتى من الإلحاد إلى الأرثوذكسيّة على يدي معلّمه اللاهوتيّ الروسيّ الكبير فلاديمير لوسكي وبعد أن تعرّف بفكر الفيلسوف نقولا برديايف (المتوفّى عام 1948) الذي…
“الخطيئة هي عدم الإحساس”، عبارة قالها أحد كبار نسّاك الكنيسة المشرقيّة، القدّيس إسحق السريانيّ. عندما يرى المرء الشرّ خيرًا أو يراه شرًّا أقلّ، ولا يحسّ بثقل الشرّ ووطأته على إخوانه في الإنسانيّة تستوطن فيه الخطيئة وتتملكّه من رأسه إلى أخمص قدميه. ويبطل أن يكون إنسانًا، يصير صخرًا عصيًّا على الشعور، يصير جمادًا صلبًا، يصير وحشًا…
لم نكن في حاجة إلى مشاهدة المجازر اليوميّة التي يرتكبها الجيش الإسرائيليّ في غزّة كي ندرك مدى وحشيّة هذا العدو وعدم إنسانيّته. وهذه المجازر هي نتاج إيديولوجيا جذورها ضاربة في عمق العقل اليهوديّ التلموديّ وبعض العقل البروتستانتيّ الأميركيّ. لذلك تأتي مجازر غزّة ضمن هذا السياق الإيديولوجي الذي سمح بإبادة الهنود الحمر في أميركا وبطرد الشعب…
كثيرًا ما استوقفتني الآية القرآنيّة الكريمة الواردة في سياق الحديث عن ميلاد السيّد المسيح، والتي تقول على لسان الله مخاطبًا مريم أمّ المسيح: “فكلي واشربي وقرّي عينًا فإمّا تريَّن من البشر أحدًا فقولي إنّي نذرتُ للرحمن صومًا فلن أكلّم اليوم إنسيًّا” (مريم، 26). أطاعت مريم أمر ربّها إليها حين أقبلت إلى أهلها وهي حاملة الطفل…
تتكاثر النظريّات وتتضارب في شأن السيّد المسيح ورسالته وأعماله وسيرته. وليس ثمّة شخصيّة تاريخيّة أثارت جدالات عقائديّة أكثر من السجالات التي نشأت بين المسيحيّين في شأن طبيعتَي المسيح المتجسّد ومشيئتيه، وعن علاقته الأقنوميّة بالآب وبالروح القدس. ولم تقتصر النظريّات على المسائل العقائديّة بل تعدّتها إلى أمور ثانويّة لا تمسّ جوهر الإيمان. فقرأنا منذ زمن نظريّة…
عام 390 للميلاد ثار سكّان مدينة تسالونيكي المقدونيّة على قائد رومانيّ وقتلوه. فقام عسكر الإمبراطور ثيوذوسيوس بناء على أوامره الصريحة بارتكاب مجزرة ذهب ضحيّتها نحو سبعة آلاف قتيل. وثيوذوسيوس الإمبراطور المسيحيّ (379-395) هو مَن أقدم على قطع آخر الروابط التي كانت تجمع بين الدولة الرومانيّة والوثنيّة، ووضع حدًّا للعبادة الوثنيّة، وفرض المسيحيّة دينًا للدولة. إمبراطور…
صفحتان إلكترونيّتان تابعتان إحداهما لحزب “مسيحيّ” والأخرى لتيّار يغلب عليه الطابع المسيحيّ تتصارعان على تحسين صورة نظام إسلاميّ تقبّحه الأخرى، فيما تعمل الثانية على تقبيح صورة نظام إسلاميّ آخر تحاول تحسينه الأخرى. حرب سنيّة-شيعيّة تدور رحاها على صفحات موقعين مسيحيّين وبأقلام مسيحيّة. هي حرب بديلة اعتاد اللبنانيّون بمسلميهم ومسيحيّيهم أن يخوضوها عن غيرهم منذ ما…