“فليَكُنْ ذِكْرُهُ مؤَبَّداً”

ألبير لحام Friday September 7, 2001 233

الأب جان (كوربون) صديق قديم، ووفاته المفاجئة أفعمتني حزناً.

معرفتي به تعود إلى زمن بعيد إذ كان لي شرف التعاون معه في إطار مجموعة باستوفاب المسكونيّة في وقت لم تكن الروح المسكونيّة قد اخترقت بعد الكنائس الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط.

لقد لمس عمل الروح في حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة وفي المكتب المسكونيّ لشبيبة الشرق الأوسط ومنحهما دعمه وتعاون معهما.

ولاحقاً، بعد أن أدرك مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، صفات هذا الرجل، عيّنه مستشاراً للقضايا المسكونيّة. ومن خلال هذا المنصب عمل بنجاح على التقارب بين كنائسنا.

رجل صلاة تغذّى بالإنجيل والليتورجيا وتقليد الكنيسة الواحدة غير المنقسمة، وهبه الربّ روح النبوءة والبصير ما سمح له من خلال قساوة انقساماتنا برؤية عمل الروح القدس الداعي إلى الوحدة والشركة بين كنائس العالم العربيّ.

“كنيسة العرب” هي عنوان الكتاب الذي وضعه الأب جان (كوربون) ونقله إلى العربيّة غبطة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق أغناطيوس الرابع يوم كان مطراناً على أبرشيّة اللاذقيّة، وأصدرته منشورات النُّور في حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة. رأى كنيسة العرب قابعة في السرّ، في أعماق كلّ الكنائس وهي مدعوّة إلى أن تعبّر عن ذاتـها في الشركة الأخويّة والمحبّة والخدمة تجاه كلّ العرب، مسيحيّين ومسلمين. رأى فيها روما تعود تدريـجيّاً إلى دورها الأوّل كخادمة للشركة بين الكنائس ومتخلّية عن المركزيّة والسلطة العالميّة.

وإلى جانب الحوار اللاهوتيّ بين الكنيستين الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة، الذي دعا إلى المشاركة فيه الكرسيّ الرسوليّ المقدّس في روما، عاش الأب جان (كوربون) الشركة العميقة التي توحّدنا في المسيح بواسطة روح قدسه.

من الأخدار السماويّة حيث يستقبله ربّ الكنيسة في النُّور، لا يزال الأب جان، وأنا كلّي يقين، يصلّي ليكون الكلّ واحداً.

فليكن ذكره مؤبّدًا.

مجلة النور العدد الرابع 2001، ص 212.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share