فجر الربيع

mjoa Sunday September 28, 2008 430

عقدت عناصر الطبيعة ذات يوم اجتماعا أرادت فيه أن تبني تمثالا يتكلم عنه جميع البشر ويضاهي تماثيلهم ومنحوتاتهم وأعاجيبهم على أن يشترك به جميع تلك العناصر. وحددت الطبيعة موعدا لبدء العمل.
وفي اليوم المحدد تقدم كل عنصر ليقدم شيئا مما يملك:
تقدم البحر أولا وقال: مائي كثير فخذوا منه ما تشاؤون.
وأتت الأشجار بعده وقالت خشبي وافر فاقتطعوا منه ما شئتم.
وبالمثل قدمت الأرض التراب, والشمس الحرارة, وال نحل الشهد, والطواويس الريش ليزين بها حتى ا لحمار تبرع بنقل تلك المواد على ظهره.

.

 
وبعد فترة ليست بكثيرة حضرت جميع المواد اللازمة للبناء وبدأ الجميع العمل الدؤوب فوضعوا الخشب أولا  وفوقه الطين ثم الريش وهكذا إلى أن انتهت المواد وعند النهاية شاهدوا التمثال عاديا كأي تمثال بشري لكن ذلك  لم يحبط عزيمتهم ولم يثن إرادتهم بل زادهم إصرارا فعاودوا بنائه مع تغيير في ترتيب وضع تلك المواد
وتكررت المشاهدة وزادت العزيمة وعاودوا الكرّة عدة مرات إلى أن وصلوا إلى مرحلة عم فيها اليأس والإحباط وساد سكوت وصمت حزين
عندها سمعوا صوتا حنونا صغيرا فرنوا إلى مصدر الصوت وإذ به عصفور صغير كان يتابع العمل منذ بداياته ولكن بصمت فتوجه إليهم وقال:
إن الحل عندي ومشكلتكم ليست بكبيرة .
تعجبت الطبيعة وقالت: كيف وأنت صغير؟ ونحن منذ الصباح نعمل ونكد وقد صنعنا العديد من التماثيل ولكن دون جدوى فالنتيجة واحدة.
عندها قال العصفور: المشكلة ليست في كيفية تشكيل التمثال. المشكلة هي في تلك المواد التي تستخدمونها فهي مواد عادية استخدمها البشر منذ أقدم العصور والأزمنة ومهما حاولتم ستكون النتيجة واحدة يقدر أي عقل بشري على صنعها.
هزت الطبيعة وعناصرها موافقين على كلامه وعلى صحته.
استكمل العصفور قائلا: ماذا لو أعطى كل واحد منكم أجمل شيء فيه لا يملكه البشر ليكون إحدى مواد البناء.
نظرت إليه الطبيعة مستغربة وقالت:
أجمل شي؟! كيف؟؟ وما هي المنحوتة التي سنصنعها؟
صمت العصفور برهة ليجعلهم يتشوقون ثم قال:
أنت أيها البحر ماذا لو أعطيتنا العطاء؟ وأنت أيها الزهر ماذا لو أعطيتنا الجمال وأنت أيتها الأشجار ماذا لو أعطيتنا الشموخ وكذلك المطر الكرم والنبع العطاء والطهر واستمر بذلك إلى أن وصل إلى الطبيعة مناديا إياها بأن تعطي الحنان ومؤكدا عليهم بألا يجبلوا تلك المواد إلا بالحب.
فعل الجميع ما قاله العصفور فوجدوا منحوتة رائعة الجمال تتشكل أمامهم عجز العالم عن وصفها وصنع مثيل لها ,أدرك العصفور قيمتها وأدرك بأنها تفوق العقل البشري وإنها نتاج أروع وأطهر صفات الطبيعة .
لذلك اتفقت الطبيعة بعناصرها أن تعد تلك الذكرى بداية لأجمل مرحلة تمر بها(كانت المنحوتة…..عيني أمي) فهما بدء للربيع ولم يكن الربيع يوما سوى عيني امي.

 

كتبت رشا الياس دبانة -16 سنة- اسرة ثانوي كنيسة مار اندراوس.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share