الحركة ومدارس الأحد

mjoa Saturday October 18, 2008 219

إن الحركة قد أخذت على عاتقها القيام بنهضة دينية، ثقافية، أخلاقية، اجتماعية، مبنية على المسيح يسوع أساس الكنيسة وركنها. ولذلك أرادت أن تعمل عملاً عميقًا وهو عمل تجديد النفوس بالنعمة الإلهية الكلية القدرة. وكان لا بد من أن تلتفت إلى نفوس جديدة، متفتحة بطبيعتها إلى الحياة الروحية والإشراق الإلهي، تصبو إلى الكمال بالرغم من الميول الرديئة التي تركتها فيها الخطيئة الجدية، إلى نفوس اقتربت من الله بنعمة المعمودية ولم تفقد بعد هذه النقاوة التي لبستها كحلّة بهية حين لبست يسوع وهذه الصداقة الإلهية التي جعلت الله أبًا لها، كان لا بد من أن تلتفت إلى هذه النفوس التي تكمن قوتها وضعفها في الآن نفسه في قابليتها لكل ما نقش عليها وطبع فيها. توجهت الحركة اليها تريد أن تنقذها من كل ما يمكنه أن يبعدها عن الرب، من كل ما يمكنه أن يشوه صورة الله فيها، ومعتنية بها لكي تنمو كالنبتة الجميلة رافعة رأسها نحو السماء في نور المسيح الهادئ.

.

  أرادت الحركة أن تعوض من النقص الذي تركته العائلة والمدرسة في حقل التعليم الديني والتربية الدينية المتوجب إعطاؤهما للأولاد، فتجند أعضاؤها لهذا العمل وجاهدوا تحت نظر الله، مريدين أن يقدموا للكنيسة نفوسًا مفعمة إيمانًا ورجاء ومحبة، وللمجتمع شخصيات قوية مضحّية بنّاءة، عازمين أن يهيئوا شبيبة مؤمنة، واعية، قوية، تجابه الصعاب بالإبتسام، وتتابع عمل أخوتها الكبار الذين شقّوا لها الطريق وهيأوها إلى السير فيها، فكانت مدارس الأحد. 

 

ومدارس الأحد مؤسسة تعليم وتربية في وقت واحد. فالناحية التعليمية التي تألفت من أجلها عند تأسيسها انما هي سد الفراغ الذي كان حاصلاً من ناحية التعليم الديني بسبب عدم قيام المدارس الأرثوذكسية بواجبها أو انتماء الأولاد إلى مدارس غير أرثوذكسية. فهذه الناحية تبقى ضرورية للأولاد المنتمين إلى هذه الفئة الأخيرة من المدارس والذين لا ينتمون إلى مدرسة، ولا بأس من أن نحققها أيضًا للأولاد المنتمين إلى مدرسة أرثوذكسية كتكميل ودعم لثقافتهم الدينية في جو غير مدرسي خال من الضغط ومفرح للأولاد.

 

ولكن هناك ناحية التربية التي تشكل هدفًا رئيسيًا في مدارسنا الأحدية. فيجب أن ترتكز ناحية التربية على سائر فروع نشاط الولد من لعب وأشغال يدوية ورسم وأناشيد وتراتيل وأحاديث ورحلات الخ، بموجب الطرق الحديثة المستعملة في التربية، وأن تهدف إلى تربية الإنسان المسيحي بكليته: بجسده وعقله وروحه. فيجب أن نهتم مثلاً بصحة أولادنا الجسدية وقوة حواسهم ورجاحة عقولهم ولكن يجب أن نهتم أيضًا قبل كل شيء آخر بتفتح روحهم للنعمة الإلهية وخضوع ارادتهم القوية لمشيئة الآب السماوي لكي ينمو المسيح في نفوسهم شيئًا فشيئًا.

 

 
فهذا العمل التربوي يجري في الدروس، نعم، ولكنه يجري أيضًا في أحاديث ودية مع الأولاد أفرادًا وجماعات، وفي رحلات نقوم بها معهم، وفي ألعاب يستسلمون إليها تحت إشرافنا، وفي أعمال يطلب منهم أن يقوموا بها تطبيقًا لتوجيهات روحية تلقى عليهم، وفي سهرات روحية استعدادية لعيد أو احتفال، وفي إعدادهم للأسرار المقدسة، وفي هتافات يهتفون بها، وصلوات قلبية يصعدونها، وقانون حياة نساعدهم على تطبيقه بأمانة، وتضحيات يقدمونها في سبيل مساعدة أخوتهم، وفي أشغال يدوية يقومون بها وغايتها الخدمة العامة، ورسوم ذوات مواضيع دينية تساهم في رفع أرواحهم وغرس كلمة الحياة فيها، إلى ما هنالك من وسائل للتربية لا تحصى يمكن تقسيمها إلى نوعين هامين: الوسائل الجمهورية التي توجد روحًا واحدة في المجموع وجوًا واحدًا يسود فيه تفكير واحد وشعور واحد أو تتوجه إلى المجموع فتفيد كلاً من أفراده وتدربه أحيانًا على الحياة الإجتماعية، والوسائل الشخصية القائمة خاصة على الإتصال الشخصي الودي بين الأولاد والمسؤول عنهم الذي يعتبرونه الأخ الأكبر والصديق المخلص الذي يفهمهم ويحبهم.

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share