في الذكرى الرابعة لانتقاله:المتروبوليت بولس (بندلي) – بعض من سيرة ومواقف

mjoa Tuesday November 11, 2008 314

 الليلة ليلة عيد، وسكان الميناء يستعدون لاستقبال طفل المغارة، والكل في حركة وبهجة. وفي بيت اسكندر بندلي، العجقة مختلفة، فزوجته تيودورا تتلوى على فراشها وتئن من شدة الالم، واسكندر يقطع الغرفة ذهابا وايابا، وهو يتمتم صلواته لكي يخلص الله ام كوستي بالسلامة، والداية تساعد الوالدة وتشجّعها على تحمّل أوجاعها والكلّ ينتظر ويصلّي. وفجأة سمع صراخ الطفل وعلا صوت الداية “صبي يا اسكندر”. في تلك الليلة المجيدة من العام 1929، ولد قيصر، ومنذ تلك اللحظة أمسك يسوع بيده وقاده على دروب القداسة وقدّمه قربانا للكنيسة فترافقا في مسيرة طويلة.

.

 واتّخذ قيصر الشاب اسم القديس بولس رسول الامم شفيعا له وتشبّه به. وليس ثوب الكهنوت، لتندمج روحه بمن نذر نفسه لكنيسته ومات من أجلها.  فهنيئا لك يا سيادة المتروبوليت بولس، الله كان حاجتك الوحيدة، فسكرت به حتى الثمالة. عشقته واتحدت به في رباط لم تنفصم عراه، وارتويت بالماء الحيّ فلم تعطش البتّة.
 حركة الشبيبة الارثوذكسية ولدتك في المسيح، ومن صفوفها انطلقت فحملت البشارة السارة الى كل انسان من دون تمييز بين عرق او جنس.

 في مؤتمر الطلاب الثالث المنعقد في العام 1959، قدمت الحركة الى الكنيسة بولس كاهنا وهو رئيس مركزها في طرابلس ومدير الكلية الوطنية الارثوذكسية الذي رسم كاهنا في السادس من ايلول في كنيسة القديس جاورجيوس في الميناء، على يد المثلث الرحمة المطران ايليا (كرم) مطران جبل لبنان، بتكليف من المثلث الرحمة البطريرك ثيودوسيوس السادس.

 
كنت الضياء في ليل انطاكية، سيرتك سيرة محبة ونضال، اختصرت في شخصيتك كل معالم النهضة. سكنت في المسيح وسكن المسيح فيك. ترفعت عن الرذائل منذ شبابك، ومشيت في دروب الجهاد، فتحليت بجمال الروح وعزة النفس، ومجدت الرب في حياتك واقوالك واعمالك. تحملت الصعاب بصبر ونأبت بنفسك عن النميمة والثرثرة وسلكت طريق المعلم فكنت فريدا بين اترابك. تناسيت ذاتك لتذوب هي في الآخرين، وجسدت مدرسة المحبة اللامتناهية وكرست فلسفة التواضع والوداعة.

“أطعنا الله باختيارك لاننا نعرف فيك هذا الضياء الذي جبل به ترابك على رجاء ان تزول الترابية ليبقى الضياء”. هذا بعض ما جاء في كلمة المطران جورج (خضر) في رسامتك اسقفا على قارة ووكيلا بطريركيا في الكاتدرائية المريمية بدمشق يوم الاحد الواقع فيه 24 شباط 1980. ترأس الخدمة الالهية آنذاك غبطة البطريرك اغناطيوس الرابع بمشاركة السادة المطارنة الياس (قربان)، اسبيريدون (خوري)، جورج (خضر)، يوحنا (منصور)، الياس (عودة) واثناسيوس (صليبا) اسقف يبرود. وحضرت القداس جموع غفيرة من الميناء وطرابلس والكورة وبيروت وحمص واللاذقية وطرطوس. وفي ختام الذبيحة الالهية سلم صاحب الغبطة سيادة الاسقف الجديد عصا الرعاية قائلا: “خذ هذه العصا لتكون عصا هداية وارشاد للطائعين وعصا تأديب للعصاة”. ثم القى سيادته كلمة بعنوان “انا استطيع كل شيء بالذي يحبني ويقويني”.

وعلى اثر شغور كرسي مطرانية عكار اختار الجميع المجمع المقدس سيادة الاسقف بولس (بندلي) متروروليتا عليها في العام 1982 فشهدت هذه الابرشية ازدهارا روحيا ونموا اجتماعيا، تمثل باطلاق حركة الشبيبة الارثوذكسية وبناء الكنائس وانشاء المؤسسات التربوية والصحية، واصدار نشرة دينية اسبوعية باسم “البشارة”.

خاطب المتروبوليت بولس أهل عكار باسلوب جديد وخاص به، فكان نهجه بسيطا يستلهم ظروف الرعية وحاجاتها، ويتأمل في ما يقوله الرب لنا عبر كتابه. جاء تعليمه شفافا كفكره وشخصيته، فلاقى صدى طيبا بين الشباب والرجال والنساء. لم يحد عن الانجيل، لكنه نقله بطريقة سهلة يدركها الفلاح والمثقف وربة المنزل.
في ما يلي نجول بين كلمات له حول مواضيع حساسة تطال حياة المؤمن اليومية وتجيب عن تساؤلاته، وتدغدغ حلاوتها نفوسنا العطشى.

عن موضوع الابوة الروحية قال: “اننا نحن الذين نخدم المذبح المقدس عن غير استحقاق منا ولمن بفضل نعمة الله التي “للناقصين تكمل وللمرضى تشفي”، انتم تدعوننا “آباء”، فهل تصلون من اجلنا لكي يرحمنا الرب ويجعلنا بنعمته نلدكم حقيقة في المسيح يسوع لانجيل؟ وانتم، يا ابناءنا الاحباء، هل فكرتم في ان تقبلوا كلمة الله منا ونحن نحملها في “اوان خزفية” ولذلك تحفظها نعمة الله وحدها فينا وهي التي تفتح افواهنا لكي نوصلها اليكم؟

مسؤوليتنا، كآباء لكم، كبيرة جدا، واستطيع ان اتجاسر واقول لكم انها “رهيبة” بالنسبة الى مقدرة قوانا البشرية لكونها قادرة على ان ترزح ، بكل معنى الكلمة، تحت ثقل تجارب هذا الدهر. فهل تتوسلون من اجلنا الى رئيس الكهنة الاوحد، ربنا يسوع المسيح، الذي منه نستمد نعمة كهنوتنا ونعمة رئاسته، هل تضرعون الى الله من اجلنا لكي نعطي امام منبره الرهيب، حسابا يشفع بنا فيه دم الحمل القدوس المهراق من اجلكم ومن اجلنا؟

 ايها الاحباء، انتم في عائلة روحية كبيرة تمتد الى المسكونة جمعاء، هل انتم مستعدون لان تسلكوا في العالم بحسب الانجيل الذي ولدتم له في المسيح يسوع، فتنتصرون، نعمته، على ضعفاتكم، وتلدون، بدوركم، الابناء والبنات في المسيح يسوع الذي له الكرامة والسجود الى ابد الدهور”.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share