أحب ولكن…

mjoa Thursday December 11, 2008 139

ما دفعني لكتابة مثل هذا النوع من السطور ليس منع المحظور من الطرائق والأساليب في التعبير عن الأفكار والمفاهيم ولا جموحي لتصعيد دوافع الآخرين للترقي بمدارس الأحد الأرثوذكسية. ما يجول في خاطري هو ما كان قد قاله المثلث الرحمات المطران ألكسندروس جحا مطران حمص عند إنشاء مدارس الأحد في أربعينات القرن العشرين: “أشك أن تكون الحركة مؤسسة من أشخاص. بل الروح القدس هو المؤسس. فهي المظلة التي تجمع تحت لوائها شتى شرائح الشباب وهي الغاية التي يصبو اليها الكثير من شبابنا للحصول على جواهر الكنيسة من سر قربان, إنجيل, إعتراف,…. .وهي الوسيلة التي يسعى بها العديد من أبناء كنيستنا لتكوين علاقات وروابط مسيحية راقية.”

.  فمن المطران جحا وتأسيس الحركة حتى شبابنا المعاصر مدة زمنية تناهز ستة عقود. وتسير هذه المؤسسة لترقى بما في سفينتها من هياج رياح وأمواج.

ولعل الأب يوسف الهدوئي أجلى بصورة بينة واقعنا حين قال: يستحيل عليك ألا تقع وأنت صاعد إلى الجلجلة. نعم هذا نهجنا نسعى للتقدم وإن لم نتقدم فالمرور صعب والغاية التي نصبو إليها أصعب. فالإنسان رغم أنه صورة الله على الأرض إلا أنه جزء من كل وبعض من جميع، لا يكون فعالاً إن لم يفعل ولا يتسنى له أن يفعل إن لم يرد ولا يريد إن لم يحركه الروح وبهذا يصل للمنتهى الذي يحدثنا عنه آباؤنا القديسون وهو الله.

فأبناء الكنيسة أعضاء للجسد الواحد يشكلونه ويحركونه وفق إرادتهم التي يستخدمونها للسير بالكنيسة. ولذلك فهي أرض سماوية على الأرض مما لها من تمازج انساني وإلهي. وما واقع مدارس الأحد في  الكنيسة سوى انعكاس لهذا التمازج ونتائجه على المستويات  الخلقية والإجتماعية والثقافية … لذلك كان الوقوع في مسيرة الصعود من واقعنا الحركي.

هذا كلّه يشكل دافعاً لنجتمع ونستوعب بعضنا بعضنا البعض. فإذا ما أخطأ أخي أصارحه لأكسبه، أعلمه لأنفعه، ولا أشهر به مختبئاً وراء ذريعة المحبة. فإن لم يسمع أكون في دربه شمعة مضيئة فاعلة لأن من يشعل شمعة خير له من أن يلعن الظلام. وإن لم يفسح لي المجال أصلي لتكون صلاتي فاعلة في مجتمع بحاجة لمصلّين. نعم هي هذه الصورة التي خلقنا الله عليها لنعيش وفقها كامتداد لحضوره بين إخوتنا البشر. ومهما يكن غرض التشهير بالآخر خارج نطاق المزاح أو حسن النية فما هو إلا أداة للتدمير لا للتعمير. فالنقد من أجل النقد هدّام وإن كانت نية صاحبه حسنة لأنها لا تكشف عن ذاتها كشفاً راقياً هادفاً بل تُّميع وتضيع الحق وتجعله رازحاً تحت نير أهواء الشيطان لأنه لا يبصر النور من نافذة الواقع بل ينحسر بانحصاره في إرادات من يريد فلا تعود الحقيقة بالواقع سمة للعمل المنشود. وبهذا نكون قد خسرنا الذي ننصح لأنه جعل نفسه في منزلة المعادي ولم نربح الحق لأنه لم تظهر ملامحه جلية ولا أركانه واضحة بسبب غموض الطرح وعدم جديته. فالحق بحسب الأستاذ شارل مالك يعبر عن ذاته. إن قمنا به وإن تحدثنا عنه فلا حاجة لأن نشّهر بمن لا يتبعه.

والكنيسة مر عليها كافة أنواع البشر،  ولم يثبت فيها كملكوت سماوي إلا من انتقى نفسه من بين البشر ليقدمها ذبيحة للرب في الكنيسة العروس التي انجبت المؤمنين باتحادها مع المسيح الذي ذرف دم الشهادة شهادة ضحية وماء معمودية الولادة الثانية والذي لا بد أن يقطر دماً ويذرف دمعاً علينا إن لم يجدنا واحداً كما هو والآب واحد.

لذلك فاتحادنا في الفكر تعبير عن وحدتنا كجسدٍ للمسيح. فالمجد للآب الذي خلقنا والابن الذي انتشلنا والروح القدس الذي حل فينا. آمين

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share