“فتات من نور”

mjoa Thursday December 11, 2008 317

getattachment1

“فتات من نور” هو كتاب يعرض لنا مواضيع تناقشها أعضاء فرقة “نور الراعي الصالح” مع مرشدهم الأخ “كوستي بندلي”. “فتات من نور” هو اسم الكتاب ولم يتم اختياره عشوائياً فالفتات هو السنتان من حياة الفرقة بمرافقة الأخ كوستي وكلمة “نور” مستوحاة من اسم الفرقة “نور الراعي الصالح”.لكن اسم هذا الكتاب اكبر من ذلك بكثير، انه يعبر عن هذا النور الذي كان يلفّ الفرقة في حياتها وخلال اجتماعاتها، انه نور المسيح، لأن الفرقة هي مكان لعيش واختبار الحياة في المسيح. فإسم هذا الكتاب واعتبار الاجتماعات بعضاً من هذا النور دليل اكيد على أن الأخ “كوستي” يعتبر بأن الفرقة مهمة جداً في حياة الفرد وهي فعلاً مختبر (ولو صغير) لعيش الحياة المسيحية في كل جوانبها. ففيها يلتمس الواحد منّا بعضًا من حلاوة العيش في حضرة المسيح ـ كل ما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي اكون أنا بينهم ـ فيمكننا ان نستنتج بأن الأخ “كوستي” يعتبر اجتماعات الفرقة نوعا” من الصلاة بحد ذاتها لأنها تجعلنا في حضرة المسيح.

 

 

 

 

 

 

.

 

فيتأكد لنا أهمية هذه الاجتماعات التي تتخطى أهمية المعلومات التي تعرض خلالها الى ـ حالة من العيش في كنف الرب وحنانه والاستنارة بنوره ـ هكذا يعبر المرشد حرفيًا: فتكون هذه الاجتماعات غذاءً لأعضائها، فهو يعبرّ في مقدمة الكتاب قائلاً: كانت هذه الومضات المتفرقة قوتًا يغتذي به القلب كما يقتات الجسد “فتات من نور”.

 

فرقة “نور الراعي الصالح” لم تكن تعرف بأن هذا الفتات الذي كان يسجله الأخ “كوستي” على ورقة صغيرة خلال كل اجتماع سيكون يومًا ـ فتات من نور ـ أو بأن اللحظات الثمينة من اللقاء الانساني والسعي المشترك سيصبح كتابًا بمثابة مرجع مهم جدًا للكل و خصوصًا لمن يتعاطى الارشاد.

غلاف الكتاب

 

 

فانه يقدم لنا نموذجًا عن برمجة اجتماعات فرقة جامعية لفترة سنتين وتفاصيل مهمة جدًا لعدة مواضيع تصلح لأن تكون كل منها كتابًا بحد ذاته. كما نجد فيه كيفية تعامل المرشد مع هذه المواضيع.فمن السهل أن نلاحظ بأن المواضيع كانت مبرمجة بشكل مسبق ودقيق وهذا طبعًا بتوجيه من المرشد، فخلال الشهر كانت الفرقة تتعاطى مقطعين انجيليين وموضوعين من المواضيع المبرمجة مسبقًا.

قلت نتعاطى مقطعًا انجيليًا وهذا ما يتميّز به هذا الكتاب عن باقي الكتب التي تفسر المقاطع أو النصوص الانجيلية. فالكتاب يعرض لنا طريقة جديدة لبحث هذه النصوص الا وهي “التعاطي” وليس البحث المنهجيّ المتكامل. فاذا أراد أحد أن يتعاطى مع شخص آخر فلا بدّ لهذا التعاطي أن يكون تفاعلاً بين هذين الشخصين. والتفاعل يتطلب انفتاحًا و تقبلاً. لهذا اذا أردنا التفاعل مع نص انجيلي فيجب أن نسمح له بأن يوصل ما يريده منّا. والتفاعل لا يتوقف هنا بل يجب أن يترافق بردات فعل وتجاوب معه، ان يترافق بتغير في الشخص وفي مواقفه فعليًا. فنجد الأخ “كوستي” في تعاطي مقطع لو 9: 57-62 (وفي هذا المقطع لا يسمح يسوع للذين طلبوا منه مرافقته أن يدفن احد منهم اباه وأن يودع الآخر أهله) يقول: “من الطبيعي أن يهزنا الانجيل وأن يشقلب افكارنا لأن لولا ذلك لما كان بامكانه أن يغيرنا جذريًا، علمًا بأن تلك هي رسالته. فكما أن خبرة الحب تنقل من يحياها الى عالم جديد لم يألفه من قبلها ، تتحول فيه نظرته لكل الأمور، كذلك لقاء يسوع لا كما يحلو لنا ان نتصوره بل في حقيقته الراهنة يقلب كل مقايسنا. لذا فانها لاستجابة صحيحة أن يلحق بنا هذا اللقاء خضة وصدمة، و أن يثير فينا للوهلة الأولى شعورًا بالاستغراب طالما لم نتآلف مع عالم الانجيل بحيث ندعه ينفذ الى أعماقنا ويبدل نمط تفكيرنا ويحول معاييرنا وموازيننا”.

لكي يحصل ذلك يجب ان نتعاطى مع النص الانجيلي بطريقة منفتحة وان لا نخشى أبدًا ما يثيره فينا من ردود فعل وتساؤلات. فقد غبّط الرب في مثل الابنين ذاك الذي اعترضه أولاً ورفض ولكنه أعطى نفسه الوقت الكافي ليتفاعل مع التوجيه الأبوي فيقتنع به ويتغير بموجبه، وفضّله على ذلك الذي أدى طاعة فوريّة ولكنها ظاهرية ولم يتبدل شيئ في سلوكه الفعلي. كما نجد عند الأخ “كوستي” تاكيدًا على أنه لكي يحصل ذلك يجب أن نسمع الانجيل بأذن القلب وهذا يعني أن ندع الله يمسنا، أن نقف منه موقف شفافية، أن نجعل أنفسنا على موجته نفسها لكي يصبح الاتصال ممكنًا بيننا. بدون ذلك يبدو لنا كلام الانجيل مجرد كلام يلامس سمعنا دون أن يحرك فينا شيئًا، تلفه رتابة العادة وتحجب عنّا حدّة معانيه. وقد أوضح ذلك الأخ “كوستي” عند تعاطي الفرقة لو8: 16-18 (وهذا النص يتكلم عن السراج الذي لا يجب اخفاؤه). كما في الموضع نفسه يعرض خبرة فتاة مسلمة كانت تجتمع مع احدى الفرق وكانت تقول بأنه في كل مرة يقع فيها نظرها في مصلى بيت الحركة على الآية التالية: “ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه”، كانت تشعر أن كيانها يهتزّ برمته تحت وقعها: فنرى المرشد يساعد أعضاء الفرقة على ان تتعاطى مع الانجيل من هذه الروحية وكان يركز عليها في مداخلاته.

“فتات من نور” يعرض لنا طريقة تعاطي الفرقة مع النصوص الانجيلية بشكل مباشر في الاجتماعات فكان يتولى أحد الأعضاء تحضير المقطع مسبقًا وخلال الاجتماع يعرضه على باقي الأعضاء ويقدم ما لديه حوله ثم يبدأ الأعضاء بالتفاعل معه بالطريقة التي ذكرتها سابقًا. فكانوا يعبرون عن ما يعنيه لهم هذا المقطع شخصيًا وكيف يمكن لهم أن يستفيدوا منه أو أن يجدوا له تجسيدًا في حياتهم اليومية. كان المرشد يترك للفرقة الوقت الكافي للتفاعل والمناقشة دون تدخله. في بعض الأحيان كان يعطي بعض الملاحظات ويطرح بعض الأسئلة لتغذية الحوار بين الأعضاء، مثلاً في تعاطي (متى 5: 38 – 42) وضع المرشد الفرقة في المناخ الذي ينبغي أن يجري فيه التعاطي مع عبارات المقطع غير المألوفة (من لطمك على خدك الأيمن فدر له الأيسر) ثم أعطى الكلام للأعضاء. ونرى المرشد يشدد على أهمية أن لكل واحد منّا كلمة فريدة لا يستطيع سواه أن يقولها عنه ونجده في احدى المداخلات يشكر الرب على جعله التبادل بين أعضاء الفرقة معبرًا لنوره من بعضهم الى بعض.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share