من يثبت الى المنتهى فهذا يخلص

mjoa Wednesday September 9, 2009 250
كان الأنبا مكاريوس يسكن وحده في البرية وكان تحته برية أخرى حيث يسكن كثيرون من الاخوة. وفي أحد الأيام كان يرقب الطريق، فرأى الشيطان سائراً فيه على هيئة رجل مسافر وقد أقبل اليه وكان مرتدياً جلباباً كله ثقوب وكانت أنواع مختلفة من الفاكهة معلّقة فيها، فقال له الأنبا مكاريوس: “الى أين أنت ذاهب؟ “
– أنا ماض لأزور الأخوة لأذكِّرهم بعملهم…
– ولأي غرض هذه الفاكهة المعلّقة عليك؟

– إني أحملها للأخوة كطعام.
– كل هذه؟
– نعم. حتى إن لم تَرق لأحد الاخوة واحدة أعطيته غيرها، وإن لم تعجبه هذه أعطيته تلك. ولابد من واحدة أو أخرى من هذه ستروقه بالتأكيد.

وإذ قال الشيطان هذا سار في طريقه.
فظلّ الأنبا مكاريوس يرقب الطريق حتى أقبل الشيطان راجعاً، فلما رأه قال له: “هل وفِّقت؟ “
– من أين لي أن احصل على معونة؟
– لأي غرض؟
– الكل قد تركوني وثاروا علي. وليس واحد منهم يسمح لنفسه أن يخضع لإغرائي.
– أَلَم يبق لك ولا صديق واحد هناك؟
– نعم، لي أخ واحد، ولكنه واحد فقط هذا الذي يخضع لي، وعلى الرغم من هذا فحينما يراني يحوّل وجهه عنّي كما لو كنت خصماً له.
– وما هو إسم هذا الأخ؟
– ثيئوبمبتس.
 
وإذ قال هذا رحل وسار في طريقه.
حينئذ قام الأنبا مكاريوس ونزل الى البرية السفلى. فلما سمع الأخوة بمجيئه أقبلوا للقائه بسعف النخل، وجهّز كل راهب مسكنه ظاناً انه قد يأتي اليه. ولكن الأنبا مكاريوس سأل فقط عن الاخ الذي يدعى ثيئوبمبتس، والذي استقبله بفرح. وبينما كان الأخوة يتحدثون مع بعضهم البعض قال له الأنبا مكاريوس: “هل عندك شيء تقوله يا بني؟ وكيف هي أحوالك؟ ” فقال له ثيئوبمبتس: “في الوقت الحاضر الأمور حسنة معي. ” وذلك لأنه خجل أن يتكلم. فقال له الأنبا مكاريوس: “هوذا أنا قد عشت في نسك شديد مدى سنين طويلة، وصرت مكرماً من كل أحد.
desert_walk
وعلى الرغم من هذا ومع أنني رجل شيخ الا أن شيطان الزنى يتعبني.
فأجابه ثيئوبمبتس: “صدِّقني يا أبي إنه يتعبني أنا أيضاً. “
واستمر الأنبا مكاريوس يوجد سبباً للكلام، كما لو كان متعباً من أفكار كثيرة الى أن قاد الأخ أخيراً الى أن يعترف بالامر. وبعد ذلك قال الأنبا مكاريوس: “الى متى تصوم؟ “
فأجاب الأخ: “الى الساعة التاسعة. “
فقال له الأنبا مكاريوس: ” صم حتى العشاء واستمر على ذلك، أُتلُ فصولاً من الأناجيل ومن الأسفار الاخرى  والمزامير. واذا صعدت فكرة الى ذهنك لا تجعل عقلك ينظر الى أسفل، بل فليكن فوق دائماً. والرب يكون معك. ”  وهكذا اذ جعل الاخ يكشف أفكاره وشجّعه، عاد ثانية الى برّيته وسار في سبيله وكان يرقب الطريق كعادته. ورأى الشيطان ثانية، فقال له: “الى أين أنت ذاهب؟ “
فأجاب وقال له: “أنا ذاهب لأذكِّر الاخوة بعملهم. “
ولما رحل ورجع ثانية قال له القديس: “كيف حال الأخوة؟ “
– انهم في حالة رديئة.
– كيف هذا؟
– كلهم مثل حيوانات متوحشة. كلهم متمرّدون. وأسوأ ما في الأمر أنه حتى الأخ الواحد الذي كان مطيعاً لي قد إنقلب هو الآخر لأي سبب لست أعلمه! ولم يعد يخضع لإغرائي بأي حال، وصار أكثرهم نفوراً مني. ولذلك أقسمت أني لن أذهب الى ذلك المكان، الا بعد مدة طويلة على الأقل.

+ عندما يأتي الشيطان ليغريك في الشهوة والخطيئة لا بد أن تقاومه، ليس لكي لا تقع في الخطية فحسب ولكن لكي تجعله يهرب منك ويبتعد عنك نهائياً فتصبح نوراً في هذا العالم ومسكناً لروح الله القدوس. سيأتي اليك في بداية توبتك أكثر من مرة ليحاول ابعادك عن المسيح، ولكن إذا وجدك تتصدّى له في كل مرة سيتركك… أما إذا وجد في قلبك مكاناً للخطية فلن يتركك أبداً وستظل مستعبداً له. فلابد من المقاومة حتى النفس الأخير.
“ومن يثبت الى المنتهى فهذا يخلص. “

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share