القناعة

mjoa Sunday October 18, 2009 147

يحكى أن حجاراً كان يشتغل في قطع الحجار من مطلع الشمس حتى مغيبها شغلا شاقاً بأجر زهيد جداً . لذلك كان على الدوام غير مكتف ٍ بحالته ، ومتذمر من قسمته الردية هذه . وفي أحد الأيام وهو قائم بقطع الصخور ونحت الأشجار ، قال وهو يلهث تعباً : ياليتني كنت غنياً أفترش الحرير وأتنعّم في هذه الحياة بأطايبها . ويقال أنه لم ينته من الكلام حتى انفتح له كنز وسط الصخور ، فصار غنياً جداً وتنعم بكل مشتهى نفسه ، يأكل ويتمتع بأحسن الأشياء وكان ينتظر منه أن يشكر الله ويكون قانعاً .

وفي يوم من الأيام بينما كان يجلس في قصره ، رأى الملك ماراً في عربة مذهّبة يجرها اثنا عشر  حصاناً أبيضاً  ويتبعه جمهور من رجال الدولة في أجمل لباس وأحسن منظر ،فاغتاظ وقال : ياليتني كنت ملكاً أحكم وأتسلط . وفي الحال صار ملكاً يركب في عربة مذهّبة يجرها اثنا عشر حصاناً أبيضاً ، وجماهير رعاياه تتبعه أنتم تظنون أنه لابد اكتفى بذلك ،لكن الأمر بانعكس . فبينما كان يسير من جهة إلى جهة في عربته الملكية أرسلت الشمس أشعتها الى رأسه فأزعجته ، فقال متذمراً : ياليتني كنت شمساً . وفي الحال صار شمساً تسير في كبد السماء وترسل أشعتها . ومما يسوءانه لم يكتفِ بمكانه العظيم هذا ، فإنه بينما كانت الشمس ترسل أشعتها إذ سحابة بسطت أجنحتها على الجو ، وسترت الشمس ، فغضبت الشمس وقالت : ياليتني كنت سحاباً . وفي الحال تحوّلت إلى سحابة سكبت أمطارها على كل الأراضي ، ففاضت الأنهار وتأثر كل شيء من السحاب إلا صخرة .

فلما رأى السحاب أن الصخرة أقوى منه ، قال في غضبه : ياليتني كنت صخرة ، فلا تستطيع قوة أن تغلبني . وفي الحال صار صخرة .

وإذا برجل جاء وبيده فأس وضرب الصخرة ، ففتتها قطعاً قطعاً ، فغضبت الصخرة وقالت ياليتني كنت حجاراً أقطّع  الأحجار وأفتت الصخور بقوة ذراعي مثل هذا الإنسان . وفي لمح البصر صارت الصخرة حجاراً . فرجع الرجل كما كان أولاً ، يقوم باكراً مع الفجر ويشتغل طوال النهار يقطّع الأحجار ويرجع بعد مغيب الشمس منهك القوى. لكنه في هذه المرة صار شاكراً لله .

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share