وصار المُعذِب رسولاً

mjoa Wednesday November 11, 2009 177

عن مجلة GEO الفرنسية العدد رقم 250 في شهر كانون الأول لعام 1999

 

1-002  1

1-005  1-004

 

الاعتناق:
 لقد كان شاول يهودياً متطرفاً يطارد المسيحيين و ينشر الذعر في قلوبهم. و لكن في طريقه إلى دمشق بهره النور الإلهي فأصبح الرسول بولس. لنقم بزيارة إلى مكان الحدث…

 

طريق اهتداء بولس (الخريطة) :

Map

 بعد أن شارك بولس في رجم استفانوس في أورشليم، غادر إلى دمشق لمطاردة المسيحيين. وفي منطقة كوكب، على بعد حوالي 100 كم من دمشق حدث اهتداؤه المفاجئ. ثم استقبله تلاميذ المسيح في دمشق و رتبوا هروبه إلى تارس الواقعة حالياً في تركيا.

 

كوكب ؛ يا له من اسم رنان بالنسبة لهذا المكان النائي و المنسي على هضبة الجولان السورية جنوب دمشق. المكان كئيب و يحتوي على رماد بركانٍ كان قد خمدَ منذ الأزل. ولكن نار الحرب ما تزال متقدة في هذا الإقليم المُتنازع عليه بشدّة من قبل سوريا و إسرائيل. حتى في هذا المكان المعزول، الذي لا يمكن أن نجد فيه أي مكتب بريد أو مطعم، يمكن أن نتلمّس ذلك في كل خطوة.


وعلى هضبة جراء في هذا المكان المحاط بالمناظر الصامتة هناك صليب حديدي هائل يعلو معبداً ذو شكلٍ دائري : إنها كنيسة لا تزال قيد البناء. وتوجد لافتة مكتوب عليها :”دير القديس بولس الذي تم تدشينه عام 1965 بمساهمة غبطة بطريرك موسكو ألكسي الأوّل”

هذا أمرٌ لا يصدّق ! أن يمنح الاتحاد السوفييتي الملحد لبلدٍ صديقٍ مسلم نصباً تذكارياً على شرف هذا الرسول اليهودي. حدث ذلك في زمن بريجينييف أيام الحرب الباردة و التحالف الاستراتيجي بين دمشق و موسكو. إن هذا الدير ليس الصرح الوحيد من الإتحاد السوفييتي سابقاً، إذ يوجد في الأعلى بالقرب من الدير نصبٌ بارزٌ آخر ؛ إنه رادار يتأرجحُ كمروحةٍ مسلّطٌ على إسرائيل. يذكرنا ذلك بأجواء قصص John Le Carré(2) .ولسخرية القدر يوجد مقابل المكان، على الجزء المحتل من الجولان عام 1967 من قبل الدولة العبرية، الكثير من المستوطنين اليهود الروس. كلّ هذا يعتبر تاريخاً قديماً بالنسبة للأب متّى رزق، الكاهن الأرثوذكسي المسؤول عن هذه الكنيسة (البائسة). ياله من رجل ! إنه يشبه الشخصيات التي رسمها 3))(Greco) في لوحاته. بشعرٍ محمرٍ أجعد و عيونٍ ثاقبةٍ سوداء و جسمٍ برزت مفاصله لشدّة نحله، يشعّ منه حضورٌ فيه مزيج من القوّة و اللطف. لقد أثارت زيارتنا الغير متوقّعة لهذا المكان النائي استغراب و حماس الأب متّى، فروى لنا قصّة ترميم و إعادة بناء كنيسة القديس بولس التي يعتبرها قضية حياته.

(الصورة الأولى)            

ShawoulReturnلا يتحدّث الأب متّى عن مغامرة (قصّة) القديس بولس كأي مؤرخٍ أو قارئ لسفر أعمال الرسل الذي كتبه القديس لوقا. بل يسرد متأثراً : “هنا صار شاولُ اليهودي بولسَ المسيحي”. تماماً كما لو أن ذلك حدث للتو و كان هو شاهداً على ذلك.

إنه إذاً منتصف النهار في السنة المباركة 34 أو 35 ميلادية. كان شاول ممتطياً حصانه وخلفه رهطٌ من الحاخامات عندما وصل إلى كوكب التي لم تكن تسمّى كذلك بعد. و فجأة بهره نور لا يُحتمل أفقده بصره، ورأى يسوع في وسط هالة مخاطباً إياه :”شاول، شاول لماذا تضطهدني ؟ “. فتمالك اليهودي نفسه و أجاب متوسلاً بعد أن أدرك أنه لم يعد قادراً على الرؤية :”من أنت أيها السيد ؟”، فأجابه يسوع : “أنا يسوع الناصري…انهض و اذهب إلى دمشق فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل”.

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share