كتاب الكون بين العلم والأسطورة والكتاب المقدس

mjoa Thursday December 23, 2010 193

لمحــــــــــــــة عــــــن كتــــــــــــــــــاب
الكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــون
(بين الاسطورة والعلم والكتاب المقدس)
تأليف: الأب الدكتور جورج عطيّة
يبث الغرب سمومه بين الناس، ومن لديه إيمان ضعيف متزعزع يصيبه التسمم، لا أتحدث عن تسمم بالأطعمة. لا. أتحدث عن تسمم أقوى بكثير من تسمم المعدة من طعام فاسد يمكن أن يقتل الجسد. أني أتحدث عن التسمم الذي يقتل الروح البشرية انطلاقا من العقل.alkon_s

الغرب يدعو لفهم الدين بالعقل. وهذا خطأ جسيم فالله غير ملموس مادياً فكيف يمكن التفكير فيه بالعقل المجرد؟! الغرب يبث سموم للأسف تستأثر على قلوب الملايين ومن هذه السموم المميتة يحاولون جرّ الإنسان بالعلم بأن الله غير موجود وأن الإنسان هو إله بذات نفسه وهو يستطيع أن يقرر مصيره دون حاجة إلى قوة عظمى تديره وتساعده. ويعتمدون في برهان ذلك على نظريات علمية معقدة، من لا يعرف هذه النظريات يحاولون شرحها له بطريقتهم الخاطئة ليشوشو الفكر البشري ويلوثوه بأفكار غريبة خاطئة.
إن هذا الكتاب يتحدث عن الاعتقادات حول تكون الكرة الأرضية انطلاقا لمنظور البشر في العهد القديم وكيف تطورت معرفة البشر إلى وقتنا الحاضر وكيف أن الإنسان القديم كان يفكر بأن الآلهة تسكن السماء والأرض للأحياء وما تحتها للأموات وكيف اختلفت هذه النظرة مع تقدم العلم وكيف أن العلماء قد جاهدوا ليعرفوا الغير معروف والنظريات التي طرحوها بالفيزياء والهندسة والكيمياء ووصولهم أخيرا لنظرية الأوتار الفائقة وتوصلهم لنتيجةِ هي الاعتراف بوجود قوة خارقة فوق كل القوى لايمكن نكران وجودها بشكل من الأشكال وهذه القوة هي ((الله)) ومن هؤلاء العلماء ذكر منهم العلماء المعروفين قديما نيوتن و لابلاس و كيبلر ومن العلماء المعاصرين رَصِلْ و أينشتاين و جينز.
كثيرون من غير ديانات يقولون بأن الكتاب المقدس محرّف، وصارت هذه الكلمة تنخر في أذهان البعض كالسوس في العظم. يوضح هذا الكتاب وجود نسخ قديمة جدا للكتاب المقدس (التوراة) ووجود النسخ الأصلية لبعض أسفار الكتاب المقدس (العهد الجديد) وصحة الأناجيل بلغتها الأصلية كأنجيل لوقا وتمت مقارنتها مع ما يوجد بين أيدينا وتم التأكد من التطابق الكامل. إذن هذا ينفي مقولة الآخرين بأن الإنجيل والتوراة محرفان.
وهناك نقاد كثيرون ينسبون إلى أن الكتاب المقدس العهد الجديد متخلف. ويبنون نقدهم وحجتهم على أن الكتاب المقدس يستخدم تصاوير استخدمها القدماء وهي أن الله يسكن في السماء وما تحت الأرض للجحيم وما بينهما أرض الأحياء وأن كل الحوادث الفائقة للطبيعة هي مجرد أساطير مثل الأساطير بتأثير من أساطير العالم القديم. ويتخذون ممسكا لكلامهم بأن رب المجد نزل إلى الجحيم وصعد منه. والجحيم عند القدماء هو ما تحت الأرض. ولكن الكتاب المقدس لم يتكلم عن جحيم مخلوق محسوس يمكن للعلم بأن يتوصل إليه. فبالنسبة للبشر هناك كون منظور وكون غير منظور والجحيم الذي تكلم عنه رب المجد هو الجحيم غير المنظور الذي لا يمكن إدراكه بالعقل أو بالعلم.
يشترك الكتاب المقدس مع الأساطير القديمة بوجود حياة ثانية بعد موت الجسد وأن الروح ستنتقل إلى علم مجهول حسب الأساطير القديمة بينما في الكتاب المقدس تنتقل إلى الجحيم الذي حوله رب المجد إلى فردوس بعملية الفداء الإلهي وهذا الفردوس ليس تحت الأرض وليس له مكان مكاني محسوس بل هو مكان غير منظور روحي فالكتاب المقدس لا يؤمن بالتصوير الثلاثي الموجود في الأساطير القديمة فلا يؤمن بأن السماء مسكن الآلهة لأن الله موجود بشكل غير منظور ويملأ الدنيا كلها ولا يؤمن الكتاب المقدس بأن الأرض هي طبقة ثانية للكون بل هي موطئ أقدامنا ولا بأن ما تحت الأرض هي مرقد الأموات لأن المسيحية لا تؤمن بأن أرواح الناس الذين ماتت أجسادهم بحاجة إلى مسكن أو مكان أو بيوت لسكناها.
ينتقد البعض الكتاب المقدس ويقولون عنه أنه أسطورة من الأساطير بسبب أن رب المجد يسوع يدعو في العهد الجديد (ملكوت السماوات) وفي أحيان أخرى (ملكوت الله) وظنوا بأن الله هو السماوات أي أن الله يسكن كالأساطير القديم أن الآلهة تسكن فوق السماء ولهم منازل خاصة بهم. بينما الكتاب المقدس يؤمن بأن الله موجود في كل مكان وهو الذي لم تسعه السماء والأرض وما تحت الأرض كيف تسعه السماوات وهو أعلى منها جلَّ جلاله وعن قول الكتاب أن الله جالس على عرشه أو ساكن السماوات وغيرها فيقول رب المجد بلسان القديس يوحّنا الدمشقي: (ليس الله اللامادي واللامحدود في مكان، إذ هو مكان لذاته. فهو يملأ الكلّ وكائنٌ فوق الكلّ ويُحافظ على الكلّ. لكن، يُقال إنّه في مكان أو عن مكان ما إنّه مكان لله، حيث يكون فعلهُ فيه واضحاً. لأنّه، وهو يَنفُذُ في الكلّ دون اختلاط، يَنقلُ قوّتَه الخاصّةَ للجميع، كلٌّ حسب أهليّته وإمكانيّة قبوله، أعني بحسب نقاوته الطّبيعيّة والطّوعيّة).
مهما تطور العلم ومهما زادت الثقافات فلا خوف على الكتاب المقدس لأنه وعلى العكس كلما زاد العلم والتطور كلما صار الإنسان واثقا بأن هناك قدرة غير مدركة تسيطر على الكون وتحركه بيد خفية غير منظورة بصورة كاملة جدا. وكما قال لنا رب المجد: السماء والأرض تزولان وحرف واحد من كلامي لا يزول. آمين.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share