الإنسان يتكوّن من عقل وجسد وروح. إنّه وحدة متكامِلَة. وهو إمّا يُعطي أهمِّيَّةً للعقل أكثر من غيره، أو يعطي للجسد أهمِّيَّة أكثر من غيره. لكن، التوازن والتكامل يتوافران عندما تجتمِعُ وتتكامَلُ القوى العقليَّة والجسديّة والروحيّة.
أمّا الإنسان المؤمن، المؤمن بالله وبفعله في حياته، فهذا يُعطي أولويَّةً للروح، لروح الله، أو بالأحرى يُلَقِّحُ عقله وجسده بروح الله فيستنيران بحسب المشيئة الإلهيَّة.
* * *
تمتاز الشبيبة وتتميَّزُ بطاقة كبرى وحماس مميَّز. لذا، تتطرَّفُ من ناحية الجسد، فيعيش الشابُّ جسدانيًّا ويركّز قواه على اللَّذة والاستهلاك الجسدِيّ، فينحرف ويبتعد عن الله، أو، على الأقلّ، يعيشُ انفصامًا بين متطلَّبات إيمانه ومتطلَّبات جسده. عندها يأتي العِلمُ ثانويًّا بالنسبة إليه ولا يعود يهمّه إلاّ بمقدار ما يساعده للحصول على الشَّهادة والمال بغية إشباع شهواته.
لذا، الشاب منذ طفولته بحاجة إلى تربية واعية لكي يتطبَّع ويتأسَّس على سبل دينيّة تُهَذِّبُ جسدَهُ وعقلَهُ بوصايا الله. والتربية، هنا، تعتمد على مِثال العائلة وبخاصَّة الوالِدَيْن. إنَّه بحاجة أن يرى أمامَهُ قُدوةً يُفتَرَضُ أن يجدَها في بيته، ويمكن أن يجدَها في مدرسته أو في جامعته أو حتَّى في كنيسته. الإرشادُ الروحيُّ الشخصيُّ مهمٌّ للغاية، ونحن كلُّنا بحاجة إليه.
أيُّها الأحبّاء!، دعُوني أصارحُكُم بهذه الحقيقة الواقعيَّة وهي أنَّنا نحن المسؤولين، وبخاصة رجال الدين، لا نُعطي مثالاً صحيحاً لأبنائنا في كثير من الأحيان.
الشباب بحاجة ماسَّة ليقتدوا بمثالِ مرشدهِم، والقدوةُ تبرُزُ وتؤثِّر في الآخَرين عندما يوحِّدُ الإنسانُ بين إيمانه وحياته.
* * *
الشابُّ، على الرغم من تصرُّفِهِ الجسدانيِّ وأخذِهِ بالوسائل الإلكترونيَّةِ الحديثة، يَجْذِبُهُ إنسانٌ صادقٌ (authentique) غيرُ مأسورٍ بمظاهرِ الحياةٍ الاجتماعيّة الطاغيَة. فإن كان هذا الإنسان مؤمنًا يعيش إيمانه بالله مجسِّدًا إيَّاه في حياته، عندها يتحمَّسُ ابنُه الروحِيُّ فيصوِّبُ طاقاتِه نحو الإيمان بالله، ولا يعود الشَّغَفُ باللَّذَّة الجسديَّة طاغيًا على حياته.
أنا على يقينٍ أنَّ الشباب اليوم يفتِّشون عن الحقيقة في الحياة، وذلك من خلال أشخاص صادِقين سواءٌ أكانوا أساتذة أو سياسيِّين أو، خصوصًا، رجالَ دين.
أفرام+
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما