كلمة سيدنا جورج خضر بمناسبة الذكرى السنوية للأب الياس مرقس

mjoa Tuesday February 28, 2012 272

كنيسة القديس جاورجيوس – دير الحرف السبت 25 شباط 2012

لن يزاد شيء على الذي سمعتموه. فيما كنت أصغي الى ألبير احسستُ أن ما كتبه ساقولُه قولاً. لذلك لا يمكنني ان اضيف شيئا عما قاله الاخوة الثلاثة. غير اني اود ان اترجم الحركة الرسالة التي بعث بها الاب الياس مرقس، المسمى في الدنيا مرسيل مرقس. وان أترجم رسالتي الى ألبير. والفرق بينهما يومان او ثلاثة، دون ان نتشاور، مرسيل وجبرائيل سعاده. كانا من اللاذقية. ونحن كنا من لبنان. لا نعرف بعضنا، حتى التقينا في هذه الحركة. كنت مرة في احد الاجتماعات، بعد انكشاف هاتين الرسالتين، لم نعد نعرف كمؤرخين إذا كان مرسيل مرقس أسسس الحركة، ام ان هؤلاء الفتيان اللبنانيين. فلا يهم هذا. بل يهم في فكر الله، وفي اداراك الله لما صار في ابنائه. وما يلفت في تاريخ الكرسي الانطاكي ان رهبانية الرجال انطفأت في منتصف الثلاثين في القرن العشرين. مات آخر راهب. وبقيت الرهبانية النسائية. هذا يعني تاريخيا ان الاب الياس هو اول راهب بعد سنوات عديدة من موت الراهب السابق. وللايضاح ان الاب الياس ورفقاؤه ادخلوا عنصر الفكر على الرهبانية وهذا لم يكن موجودا. فالفكر نافع للبنيان. واخذ هؤلاء الرهبان، ثم الراهبات يكتبون.

zekra1abounaelias 7 zekra1abounaelias 5

إذا عدتُ الى الأب الياس الآن، كنتُ أرى فيه الفرح، وخفة الروح على الطريقة اللاذقية الدُنيوية التي لم يستطه ان يتجاوزها. شيء من العالم ومن بيت مرقس بقي في جسده او في عقله، ألبسه هو ثوبَ القيامة وثوب الفرح. ما يعني لي أن كل مصائبِ الدهر التي حلت ببلدنا، وحلت ايضا في هذا الدير الذي انتقل الى مكان آخر في الحرب الاهلية. كل هذه المصائب، كان أولئك الاخوةُ في دير الحرف يتقبلونها بطاعة لله. قبل ان يجيء رهبان دير الحرف لم يكن الروم يسمعون بشيء اسمه الرهبنة. كانوا يعتقدون الكاهن الاعزب في المطرانية هو راهب. تعلم الناس ما معنى راهب. ما يجعل الأرشمندريت عظيماً هو ما كتبه برسالته الى غابي سعادة من المدينة الى الضيعة، نفذَهُ. طبقَهُ.

ما يلفتُ في الرسالة أن مرسيل مرقس ذهب الى آخر المنطق. كان يقول، نريد ان نؤسس حركة ونطيع الله ونبشر ومال الى ذلك. فكان ما يقولُهُ يطلبه من الآخرين بأن يجيؤوا لعند الله. هذا جيد. ولكن الاكثر جودة وعظمة ان احد بقول: “انا اريد ان اذهب لعند الله الى الآخر. اخصص نفسي له”. أمسِ قرأت مقالةً لراهب في الجبل المقدس في آثوس، الأب باسيليوسُ، كتب ان الراهب مُخصصٌ لله. كل شخص مُعَمَد يذهب الى الكنيسة ويصلي. ولكن عنده شغله في هذه الدنيا. ولكن ان تزيح كل الأشياء الحلال التي قوم بها كل الناس ويستمدون منها فرحهم حتى تضع الله الآب والإبن والروح القدس قدامك، وتقفل عليها، لا تعد ترى الا الثالوث القدوس قدامك وانت راكع امامه وتظن نفسك انك لا شيء، مع انك صرت شيئا عظيما.

ما اقوله لكم عن الاب ايلياس كما انا اقرأه، عن هذا الرجل المفذلك لما كان علمانيا وكان بقدر كبير من الفهم، ومن الذكاء، ومن الظهور الاجتماعي فهو كان قائم مقام. اعرف بيئة الاجتماعية المترفة كثيرا. فجاء الى هنا بسيطاً. ما معنى كلمة بسيط؟ بالمصطلح المسيحي الذي كشفه بولس عندما تكلم عن بساطة المسيح، هو الإنسان الذي يتصل بك مباشرة بالمحبة. لا يضع مسافة بينك وبينه. ولا يضع بُعداً. ولا يدين. هذا النوع من البساطة العليا التي لا يدركها الا المجاهدون، كان رحمه الله، هذه البساطة كان عليها. وتركها ارثا لنا.

بعد رحيلِه سنُصلي الى الله كب يكبر هذا الدير. ارجوكم ان تُصلوا دائما ان ابانا الياس لم يمر هنا ومات. مر هنا حتى يبقى حتى يبقى هنا في هذه الدنيا بابنائِه الرهبان. لا اقول بالراهب المتوحد، بل اقول المستوحد. اي الذي طلب الوحدة بالله. المُتوحد من حقق وحدته، فيها رجاء واطلالة على الوحدة. فالمُستوحد من هو لآخر حياته يطلب ان يتوحد بالله.

ابونا الياس كان مستوحداً، واصبح متوحداً من اجل خلاصنا نحن. آمين.  

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share