تجليات دمشقية-خاص أسرة الإعلام: عظة أحد الأعمى، قد آمنتُ يا ربْ وسجد له

mjoa Monday May 21, 2012 160

عجائب عديدة فتح فيها المسيح أعينَ عميان، ولكن هذه العجيبة بالذاتْ لها فرادة خاصة، ولذلك السبب وضعتها الكنيسة لتُتلى ونسمعها في هذه الفترة الفصحية، إن هذا الأعمى كان منذ مولده، والرب يسوع تعلمّ أن ينحني إلى الأرض ويأخذ من التراب، ومن التراب يجلبُ حياةً إلى عينين كانتا قد فقدتا الحياة، واليهود أناس يحفظون الكتب ويعرفون كيف خلق الله منذ البدء، وكانوا يتتبعون حركات المسيح واحدة فواحدة، فيسوع هنا يقول لهم إني أنا من خلقتُ في البدءـ وأنا من أخلق وأنا من أجلبُ حياة إلى من هم فاقدوا الحياة.
في هذه الفترة الفصحية تلتْ الكنيسة على مسامعنا في الآحاد المتتالية عدة فصول إنجيلية، وفي هذه الفصول الإنجيلية يسيطر عنصران، عنصر المساء وعنصر النور، ففي حدث المخلع، في الأحد الأول المخلّع يرتمي والناس ينزلون إلى ماء تتحرك، إلى حياة، تدخل في الماء أو تخرج من الماء ليأخذوا هم شيئاً من الحياة أو الصحة، فالمساء هو بداية للحياة، والسامرية جاءت تطلب ماءً لتحيا، لتشرب ولا تعطش، وإذ بها يُعطيها المسيح أفضل، فتركت جرتها وذهبت تشرب ماءً أفضل، أي تبشر بيسوع المسيح وتقول للناس تعالوا انظروا ماسيا، المسيح المنتظر. وهذا الأعمى كان فاقد النور، جاء إليه فأعطاه نورين، نور الحياة والبصر، وأعطاه نور البصيرة، أي أعطاه أن يراه.
المخلع الذي سمعنا عنه في بركة بيت حسدا، شفى المسيح آلامه وأسقامه وشفاه شفاءً كاملاً حين قال له لا تعد تُخطئ. لا تعد تُخطئ، هذه هي الخليقة الكاملة، ليست التي ينقصها أعباءْ.
ولكن الخليقة الكاملة هي البريئة من العيوب، هذه الخليقة شاءَ الله أن يخلقها في البدء، فخلق الله العالم حسناً، وخلق الإنسانَ حسناً جداً، ولكن الإنسانْ هوى من هذا الحسنْ، ابتعد عن الله وعاش في الخطايا، وما الخطيئة إلا رفض لله وإلا الحياة بعيداً عنه، وحين عاش الإنسان بعيداً عن الله تشوهت هذه الخليقة، خلقةً وإنساناً، خليقةً في الكون وخليقةً في الإنسان، تشوهت خليقة الله.
بعد القيامة أدخل المسيح الخليقة الجديدة، جاء المسيح بعد القيامة ليُدشن الكنيسة، وما هي الكنيسة؟ إنها الخليقة الجديدة، أيةُ جدة تحمل؟ إنها كتلك التي أرادها الله منذ أن أوجد العالم، خليقة لا وجع فيها ولا تنهد ولا خطيئة، الخليقة التي يشتهيها الله هي الخليقة البريئة من الشرور الطبيعية والبريئة من الشرور الروحية، الإنسان ليس من كان له عينان، الإنسان الذي له عينان هو من يُبصر المسيح بهما، ولذلك للمخلع قال المسيح بعد أن شفاه لا تخطئ، وللسامرية بعد أن أرواها وأعطاها الماء الحي أن تبشر به، لهذا الأعمى أعطاه عجيبة أفضل أنه جعله يسجد له، هذه هي الخليقة الجديدة، هذه دعوة القيامة، هذه معاني الفصح، هذا معنى الكنيسة، إننا لا نبشر لتحسين في الخلائق فقط، الطب، العلوم، التقدّم، التكنولوجيا هو شفاء للتخليع الذي هو في جسد الإنسان أو في خلايا الطبيعة، أما نحن المسيحيين فنحن مدعون إلى طب أعظم، إلى قيامة أفضل، لا تمسُّ الجسد والخليقة فقط، ، بل تمسّ الأنسان في كماله، تمسُّ الإنسان في خلاصه، تمسُّ الإنسان في حياته، وكما يقول الذهبي الفم:” وما الأسى وما الحزن لهذا الإنسان الذي ولد أعمى وكان عماه سبباً ليرى المسيح، بينما هؤلاء المبصرون الفريسون والكتبة والمؤمنون في ذلك الدهر كانوا مفتحين، ولكن ما أرادوا أن يبصروا المسيح، بصرهم كان لشقائهم، وعماه كان لخلاصه”.
الإنسان الكامل ليس من يحيا بالخبز بل من يرى بالكلمة، ليس فقط من يطلب ماءً من ينبوع، بل من يعرف الماء الحي، ليس من ينظر، بل من يرى المسيح، هذه رسالتنا، هذه هي الكنيسة، هذا هو معنى تلك الكلمة المسيح قام، المسيح قام كلمة تعني أنه جدّد الخليقة التي خلقها، لكن الإنسان نزع فيها جوهره، نزع فيها رؤية المسيح، غاية الحياة هي أن نعرف المسيح، غاية الحياة لابل هي الحياة عينها هي معرفة الله، من لا يعرف الله هو ينظر ولا يُبصر، من لايعرف الله يشرب ماءً ويعطش، من لا يعرف الله لا حياة له فيه، المسيح قام، فترة فصحية بدأنا نختتمُها لا لننساها، بل لنصير كالسامرية، لنصير كالأعمى، لنصير كالمخلع، الذين عاينوا المسيح، والمسيح هذه الأيام معنا بالجسد، معنا بجسده القائم، لنعاينه، لنراه ” إذ قد رأينا قيامة المسيح فلنسجد للرب القدوس كالأعمى، فلنبشر به كالسامرية”، هذا هومعنى كلمة المسيح قام… هذه هي رسالة الفصح، هذا هو جوهر الكنيسة، هذه هي غاية الحياة المسيحية أن نحيا في رؤية الله، أن ننقله للآخرين أفضل هدية، هو الحياةُ بالذات لكل إنسان.
يا أحبتي، العالم يحتاج لكل شيء، للطب، للعلوم، للتقدم، للفلسفات، لكل ما ترونه في الحياة، إنها حاجات، ولكن الحاجة إلى واحد، الحاجة إلى واحد إلى يسوع المسيح، آمين.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share