تجليات دمشقية: العنصرة

mjoa Tuesday June 5, 2012 168

باسم الأب والإبن والروح القدس الإله الواحد. آمين.
أحد العنصرة عيد الخمسين يقدم لنا بداية حصاد ثمار القيامة والخلاص فمن بعد قيامة السيد المسيح له المجد وإتمام الوعد الإلهي بالفداء وفتح أبواب العودة إلى الفردوس نتيجة المصالحة الحاصلة مع الله وعقب صعود السيد بالجسد إلى السماء بعشرة أيام كان تحقيق الكلمة الإلهية بإرسال الروح القدس على التلاميذ.
وهو المعزي الذي يبقى في الكنيسة حافظاً ومذكراً ومقدساً لأنه القدوس ونبع كل قداسة لكل من تأهل بنعمة معمودية الروح ,هذا الروح الذي عُرف في العالم منذ البدء وقبل الخلق مثل طائر يرف على وجه المياه والذي ظهر كعمود نار مرشداً في العبور إلى الميعاد ومثل ضباب وظلام وزوبعة عند تقبل موسى للشريعة ومثل غمام يملأ هيكل سليمان إبان التدشين.
وتراءى أيضاً على شكل حمامة نازلة ومستقرة على يسوع عند معموديته ومثل غمامة شاملة عند تجليه واليوم يظهر بشكل ألسنة نارية نازلة ومستقرة على التلاميذ الأمر الذي تنبأ عنه يوئيل النبي الذي قال (إنه في الأيام الأخيرة أفيض من روحي عليكم فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويرى شبابكم رؤى ويحلم شيوخكم أحلاماً).
هو الروح الذي وعد به السيد قبل الآلام (خير لكم أن أنطلق لأني إن لم أنطلق لن يأتكم المعزي الروح القدس روح الحق الذي من الآب ينبثق والذي يأخذ مما لي ويخبركم ).
في هذا اليوم يتحقق كلام النبي يوحنا (أنا أعمدكم بماء لكن يأتي من هو أقوى مني هو سيعمدكم بالروح القدس والنار).
من خلال هذه المعمودية معمودية الروح ينتقل العالم من الحياة بحسب الجسد إلى الحياة بحسب الروح وهي لاتعني أن الإنسان يقاد من خارجه بالروح بل الروح تتغلغل في الأعماق في الداخل في قلب الكيان ويصبح المحرك لأدق ذرة في الكيان بهذه العملية يحول المرء ذاته إلى هيكل للروح إذا ما أخضع الجسد الذي يلبسه لروح الله لأن من يحيا بحسب الجسد يحيا في العالم في الزنى والعهارة والدعارة وعبادة الأوثان والسحر والخصام مع الغير والسخط والشقاق والسكر والحسد والبطر والقتل فاهتمام الجسد موت وعداوة لله والذين يعيشون بهذا الشكل لايمكن لهم أن يقبلوا روح الله الذي لايرى ولا يُدرك فهو كالريح يهب حيث يشاء فلا يُعرف من أين يأتي ولا إلى أين يذهب لكنه يحرك الأشياء وبه يصبح الإنسان حياً بالروح الذي هو حياة وسلام لأن كل من أمات أعمال الجسد بالروح فهو يحيا في الملكوت فملكوت الله ليس طعاماً أو شراباً بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس.
إن كل من كان له هذه الروح، الروح الذي أقام يسوع من بين الأموات فإن جسده المائت سوف يحيا بروح الله هذه الساكنة فيه لهذا علينا أن نسلك بجدة الروح لابعتاقة الحرف فإن كنا أبناء الروح فلنسلك بالروح هذا الروح الذي يفحص كل شيء وحتى أعماق الله.
إن هدف الحياة المسيحية هوإقتناء الروح القدس كما قال القديس سيروفيم: (المؤمن هو من يحول ذاته إلى حامل للروح هيكل للروح) (ألاتعلمون أن أجسادكم هياكل للروح القدس الذي فيكم وأنكم لستم لأنفسكم لأنكم قد أشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله).
إن الذي يسلك بهذه الروح التي تتميز بمواهب مثل التعليم الكرازة والوعظ والنبوءة والتكلم بألسنة مع مواهب الشفاء وتمييز الأرواح هذه كلها يفعلها الروح الواحد الذي من ثماره المحبة، الفرح، السلام، طول الأناة، اللطف، الصلاح، الإيمان، الوداعة والعفاف إنه الروح الذي يقدس الإنسان فيجعله قديساً بنعمة الله مكملاً الناقص فيه وشافيأ كل ضعف واسترخاء.
لقد حل الروح القدس على التلاميذ وهم في حالة إجتماع فوحد الألسنة وبدد حالة الإنقسام التي سادت عندما تبلبلت الألسن في حين بناء برج الكبرياء قديماً أما حلول الروح القدس اليوم والذي ظهر كريح عاصفة بشكل ألسنة من نار يجعل المؤمنين يلتهبون كالنار وهو قد حول التلاميذ من جبناء إلى شجعان ومن حالة التردد إلى الإقدام ومن أناس يهربون هلعاً إلى مبشرين لايهابون الأخطار ينادون بقيامة المسيح والخلاص في كل مكان مؤسسين كنائس، مقيمين الأسرار، مبشرين، معلمين، منذرين، رعاة، بهذه الروح تكلم الأنبياء ونطق الوعاظ والمفسرون بها تكمل الأسرار المقدسة ويتم الإنتقال من المحدود إلى مايفوق الحدود إلى ملكوت السموات.
نسأل الرب في هذا اليوم أن يسكب روحه القدوس على كل واحد منا حتى يتميز بهذه المواهب السامية ويتلألأ بالفضائل الرفيعة ويبدي ثمار حضور الروح المباركة.
نسأله أن يجعل منا مساكن وبيوتاً له وأن يشدد كل ضعف فينا لنحمل إسمه القدوس في مجتمعاتنا فنزهر بالأعمال الصالحة التي إذا ما رأها الناس يمجدوا أبانا الذي في السماوات وهو الذي له المجد والقدرة والسجود على الدوام.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share