كلمة سيدنا جورج خضر في المؤتمر‏ الحركي ال ٤٤

mjoa Sunday October 20, 2013 75

في افتتاحية الإنجيل الرابع نقرأ في البدء كان الله الكلمة، نفهم تفسير الله المقصود بالكلمة المسيح، نفهم هذا، استتباعا لهذا، نفهم أنّ كل واحد منا ممكن أن يصير هو الكلمة. يعني ما يريده الله منه أن يصبح تعبيرا عن الله ومعنى ذلك لا نكتفي نحن إذا دخلنا في الالهيات في خبرة الربّ، في ذوق الربّ، لا نكتفي بأن نردد ماسمعنا ولكن نتوق لأن نذوق الرب ونخبر به بعد أن ذقناه, من تعلّم عن الله في الكتب وقرأ أفضل المصاحف اللاهوتية لا ينقل بالضرورة جوهر الله إلى الناس، حقيقة الله إلى الناس، تذكرون او أرجو ان تذكروا ان الله قال لحزقيال النبي “خذ هذا الكتاب وكلّه”، طبعًا معنى ذلك، أنتم الذين تعرفون بالبيولوجيا، أن الطعام الذي تأكله يصير إياك، وليس يصير فقط فيك،  بل إياك، لأن جسدك جزء من شخصيتك، وأنت تأكله بشهوة اذا تدخل الطعام إلى ذاتك.


 كل القصة يا اخوة، هي هذه، هل نريد أن ننقل معلومات الهية، اخبارًا عن الرب، او أن ننقل الرب ذاته، طبعا كلّ المقصود من الكتاب،  أن يأتيَ    الكلمةُ، (في المذكر قلتها لأن المقصود هو يسوع)، أن يأتيَ الكلمة إلينا كما هو، كما صدر عن الاب، في كل بهائه وجلاله، وأن يعطينا كل ذاته، نحن لا نأخذ جزءًا من الله، فالله لا يتجزّء، امّا أن تكون قد اقتبست الله، أي أكلته، هذاهو الكتاب، انا لااخترع مفردات شعرية، هذا في العهد القديم عند حزقيال بنوع خاص، أما أن ننقل الله في ذاته، في كلّ اشعاعاته، في كلّ اطلالته، فالجوهر الإلهي لا ينقل. اما أن نُلحّ على نقل الله، او لا يهمنا الأمر، يعني نسمّع دروسا تعلمناها في الحركة، فيها لطف ومحبة، وفيها شباب وتعزيات وصداقات، الحركة هي المكان الأمثل للصداقة،

لكن الغاية أن ننقل الله ذاته، وإلا لا نكون قمنا بشيء، الكلام عن الله وحده، لا ينقل الله، ولكن الكلام الإلهي يجب أن يندمج بشخصيتك ويصير منك، عندئد أنت لاتنقل شخصيتك بل تنقل هذا    الذي حملت، أي شخصية الله. البعض منا يعتبر نفسه الله، هذا يكون تجربة أو إغراء، طبعا علينا أن نسعى ان نكون إلهيين بحيث لا يفرق الرب بيننا وبين الرب الذي نحمله، فإذا نظروا إلى وجهنا يعرفون انهم يلتقون وجه الله، الذي لا يبحث عن وجه الله في اخوته لك وفي صداقته يكون فقط يصنع محبة بشريّة فقط. نحن اطلالة الله او لسنا بشيء، لهذا يا اخوة، عندما نجتمع في مثل هذا اليوم، نطلب حرارة بشرية، نطلب مودات، وهذا مفيد وموجود في المسيحية، لأن الله منشور في الناس، مبثوث في الناس الذين يحبونه، لكننا نطلب أولاً وجه يسوع المسيح  المدمى والحي في آنٍ واحد، القائم من بين الاموات. 

ما المبتغى من كلّ الحياة المسيحية، يقول القديس سارافيم الروسي أن المسيحية هي ان “نحصل على الروح القدس”،حتى أضعها بعبارة بسيطة أكثر، المبتغى ان نتحّد مع يسوع، وأي أن لا يكون فينا شيء غير ما يريده هو، وان لا نقول ما يخالف قوله. هناك تجربة بسيطة في الحركات الروحية ان، نلتمع بذكائنا اذا كنا موهوبين طبعا، ونفرح به، ليس ممنوعًا ان تفرح بذكاءك، ولكن ممنوع ان تعتقد انه آتٍ منك، إذا أحسست ان ما تقوله، هو كلام المسيح، فتشكر الله ولاتبخر ذاتك، وحتى وان مدحك الناس لا تفتخر، هذا ليس منك، انت وعاء، بولس الرسول قال عن ذاته أنه وعاء، والوعاء يعطي ما فيه، الوعاء في ما يحتويه، وانت تحتوي المسيح فتعتطيه وتختفي فيما بعد. إذا أحبوك لأنهم رأوا فيك المسيح هذا شأنهم، وهذه بركة لهم، وليس فخرا لك. ما وودت أن اقوله يا اخوة في هذه الأمسية الطيبة، اننا نسعى إلى يسوع وحده، ما يعني هذا الكلام؟ 

يستطيع المبتدي في الحياة الروحية ان يفرح، مبارك هذا، بمظاهر الكنيسة وجمالات الخدمة الإلهية، والكلام الحلو المعطى من الآباء، ومن المجتهدين المعاصرين واخوتنا في الحركة، هذامبارك، ولكن السؤال هو هذا ما نبتغي في حياتنا الحركية؟ ماذا أتينا نطلب؟  الذي لا يجاوب فورا تلقائيا بدون جهد، انا جئت لأطلب المسيح، يكون اضاع العنوان، الطريق انت لا تأتي إلى الحركة، إذ لا يوجد إلا يسوع، في التعبير المعاصر نقول انه حركي، لكن في الحيقة هو المسيح،  المهم يا اخوة الجهود والدروس وما يكتب ويقال ان نفهم ان هذا غايته الوحيدة أن نعطي المسيح كما يريد هو ان يعطى، اي في كل متطلبات انجيله، انت لا تختار في المسيحية، في الكنيسة ما يعجبك وما لا يعجبك، ولأنك اذا انحصرت في موضوع واحد ه تضيع العنوان، انت ذكي وتريد ان تنفع الاخوة، تكلمت وفرحت وبقيت عند هذا ولم تعط نفسك للفقراء وللمرضى تكون قد أضعت العنوان، من هنا مراقبة النفس هي الشيء الاساسي الذي يطلبه المعلم، اين نحن من يسوع، اين انا من يسوع، الآن، في عذاباتي، في مشاكلي في ترددي سؤال يطرح نفسه كما الاكثرية، ماذا أفعل في الحركة، اين وصلنا، هل نهضت الكنيسة بعد سبعين سنة من الجهاد،

هناك اسئلة معذبة ولكن نحن نبقى على العهد. ماذا عاهدنا الرب يسوع عندما انخراطنا في هذا الجهاد العظيم والصعب والمعزي بآن، هل لا زلنا نؤمن بأن نهجنا هو النهج، وبأن ما قلناه هو الحقيقة، وليس من كلام آخر. أحزن بعض المرات عند قراءتي تصريحات من اناس غير ملتزمين بالحقيقة، بحقيقة الرب والكنيسة، بانهم يريدون ان يصلحوا الكنيسة وبأن ينهضوا بها، ويصلحون الكهنة والأساقفة وما إلى ذلك، أي عندما يسقطون (Projection) أنفسهم على الواقع، يسقطون تمنياتهم على واقع الكنيسة دون الالتزام بها، هذه رأيناها على مدار السبعين سنة، أنا مراقبتي لهذه الكنيسة يعود إلى السبعين سنة، هناك اناس ظنوا انهم عاملين في الكنيسة، انت تعمل اذا اردت ان تموت، أي أن تفني نفسك في الكنيسة، ولانك فهم انك تعمل لمجد الله. طبعا ما أقوله هو موجود في الحركة، خشيتي ان نقرأه فيما كتبت في مقالاتها في لقاءاتها ومؤتمراتها الحركية، وأن لا يلّح كل واحد على نفسه ان يحقق هذا الامر كل يوم.

 قصة الحركة، يا اخوة، جميلة في تشؤها، ان يطلع اناس من قلب الضوء ليقولوا للاخرين أن اباءكم سعوا باطلا او لم يسعوا، واننا الآن نريد أن نؤسّس كنيسة المسيح، لأنها غائبة عن نفوسكم واذهانكم، وعملتموها مؤسسات، وهي حياة جديدة، هذا كان كلامًا عظيمًا، هل نحن نريد حقا ان تصبح كنيسة الله الخالية التي نراها هي الفجر، هي الالوهة، هي الجلال، اما ان نقبل تراكم الأشياء، تكرار الكلمات.

 هناك أرشمندريتًا كان يعتبر نفسه عظيمًا لأنه دارس في بطرسبرج في روسيا، عندما نجتمع معه كان يستعلي علينا ولديه حجة تسمع في ظاهرها، كان يقولوا  انتم لديكم كلمات جديدة معه حق، فكنا نجاوبه، في الدير في 23 من العمر، في ظاهرها هي جديدة بل في عمقها قديمة وأقدم مما تقول أنت، دائمًا كان كلامهم لا يحرك لا يلهم، وانا لست ابن البارحة، ولا عاشق للحركة حتى اكذب، كل الذين سبقونا ما كان عندهم شيء لانهم لم يكونوا ذوي خبرة روحية في العضم، ألهبتهم حتى الجنون، كان ادب محكيًا، انت تقول كلاما جدديتا اذا توجعت، إذا اوجعتك الخطيئة، لم يكن هناك خضة في المصارين، لم يكن يتعذبون من الجهل، حالتهم فاترة، لم يكونوا موجودين، لم يكن من مسيحية، لم يشعروا ان الرب كل شيء، هناك تقوى وحياة ثانية. يريدون أن يعملوا دون صلب. الان يا اخوة علينا ان نقبل الصلب والاقصاء وان يدخل الناس بنا إذا أحبوا المسيح، ويخلّصون أنفسهم. بدنا نتابع ولا نحزن كثيرا لأن الشجرة لم تؤتيّ كلّ ثمارها، هناك رجاء بأن تثمر الآن من جديد، تخضّر الشجرة، تُعطي من ذاتها.

         الشيء الاخير مع تقديري العظيم للتراث الحركي، لا يستطيع المؤمن أن يغتذي فقط منه ، حصرًا منه، بل على كل جيل أن يخلق تراثه له كيف هو توجّع، كيف يرى الحياة الجديدة ،أنا لا انكر طبعًا، ليس خطأً ان تقول: “المطران جورج خضر يقول، كوستي بندلي يقول”وفلان يقول، ولكن الخطر بأن يكون هذا تردادًا، حفظتم كلامًا جميلا، هذا نرجو أن يكون فيضًا، الكلام الجديد عندكم، أن يكون فيضًا من قلوبكم، وأنتم قادرون على ذلك  لأن المسيح دائما منشىء قلائل جديدة، القلائل الجديدة في كل الأجيال متشابهة، ولكن ولا واحدة نسخة عن الثانية، كلّ واحد منا عنده جدته، وحيوته  هو ينقل ما اعطاه الله في خبرته العميقة للربّ يسوع. 

ما يعزيني في هذه السن المتقدمة أن ما قيل منذ سبعين سنة محفوظ ومحبوب، حيّ ومحيي، هذه قيمة الايمان أو من قيم الايمان انه يجدّد الانسان كأنه أول القائلين، ولا يردد كلام الاسلاف. في مرات ليست بقليلة لما كنت اسمع شبابنا في الاجتماعات العامة للحركة في طرابلس كنت أتعزى بأن الرسالة حُفظت وأتعزى بالأكثر أنها تقال الان بكلام جديد، ليس هناك استظهار، أي ترداد الشعر القديم، ولم يكن تكرار لما حفظ، بل احياء لما سلّم مرّة واحدة. ليس مطلوبٌ أبدًا، من أحد، اليوم، أن يحفظ عن ظهر قلب ما كتب في الاربعينات، من يقرأ في مجلة النور، او الكتب القديمة، يقرأ الكتب القديمة والخُطب القديمة والمقالات القديمة، ويقولها، هذا ليس فيه  شيء. طبعًا أنت لا يمكن أن تنقطع عن الاسلاف، ما فيك تخلق حركة جديدة، ما في حركة جديدة، ما ممكن، نحن رأينا كلّ شيء،

ولكن تقول هذه الحقائق القديمة بحيوية متجددة فيك، بذوق إلهيّ  يحييك، وكانك البادىء في الحركة. اذا وهب انسان الخطابة في أوساطنا، وشافوه يكرّر المقالات القديمة، هذا لا يعني انه ليس جيدًا، من الممكن ان يكون عظيمًا في حياته التقدّيسية، ولكن هو ليس موهوبًا للكلام، هذه ليست مصيبة.  ولكن هناك ناس أتوا من الفيض الاول، لا يكررونه بكلامات وعبارات، لهم كلماتهم وعباراتهم، ولكن وصلوا للنبع، لا يشربون من السواقي. في الحقيقة طبعًا، نحن لم نخترع مسيحية جديدة كان هناك ارشمندريتا يظن نحن ناتيء بشيء جديد لم يُعرف، حاولنا افهامه، أن هذا الكلام المجدّد بالتعابير العصرية، هو المخلص للتراث الذي أعطي مرة واحدة للقديسين، انتم يا اخوة، لستم مجددين للكلام، ما هيدا المطلوب، انتم مُجدِدون لأرواحكم حتى لا تعتق، حتى لا تركد، أي جامدة، بدو هالجيل الصاعد يحسّ أنكم  شربتم من الينابيع، وأتيتم منها وفاضت فيكم أنهار مياه جديدة، هيدا بانجيل يوحنا، ما هيك.

إذا أحسّ الناس أن حقيقة المسيح القديمة، تفيض الآن منكم، بحياة محيية، إذااحسوا ذلك، تكونون قد أكملتم السعي وحفظتم الايمان .

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share