شِباك نفوسنا – المطران جورج (خضر)

mjoa Friday June 20, 2014 93

كلمة جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان) في الإنجيل: (متى 4: 18-23)

هذا الإنجيل يروي لنا لقاء السيد مع أربعة تلاميذ عند بحيرة طبريا. اندراوس وبطرس أخوه كانا يُلقيان الشبكة وينتظران سمكًا كثيرًا. دعاهما السيد فتركا كل شيء وتبعاه، أي انهما استغنيا عن معيشتهما. لم يتساءلا ماذا سيحدث لهما إذا تبعا هذا الرجل وكأن سحرا دخل كلاً منهما. ذاقا في لحظة سريعة ان الذي يدعوهما يقودهما إلى شيء عظيم، يقودهما إلى شيء غامض.

 لم يكونا يعلمان ان الموت ينتظرهما إذا لحقا به. سمعا انه كان يبشّر في مجامع اليهود في السبوت وانه كان يشفي كل مرض وكل سُقم في الشعب. كانت مغامرة، غير ان قلبيهما كانا مطمئنين إلى ان أمرا جديدا سوف يحدث.

mt.gk

 

ثم كان لقاء السيد بيعقوب ابن زبدى وأخيه يوحنا هذا الذي صار كاتبا للإنجيل الرابع. هذان كانا مع أبيهما زبدى، ويظهر من الكتاب ان هذه العائلة كانت على شيء من البحبوحة. هذان كانا يُصلحان الشبكة وينتظران ان تصير أداة جديدة ليأخذا بها سمكا، ولكنهما تركاها على حالها وتبعا المعلّم. هذان ايضا لم يعلما ماذا سيصير لهما. مرة انزلق لسان أمهما لما قالت للمعلّم: “يا سيد اجعل هذا عن يمينك وذاك عن يسارك في المجد”. وفي كتاب آخر انهما هُما طلبا المجد، أي ظنّا انهما مرشّحان وزيرين في مملكة جديدة تقوم على ثورة في الشعب ضد الرومان. هما أيضا تركا كل شيء وتبعاه. في الأخير نعلم أن هيرودس قتل يعقوب أخا يوحنا، ونعلم ان يوحنا الحبيب عُذّب في جزيرة بطمس. لم يعلما أن الألم مصير المؤمن، ولكنهما عرفا وجه يسوع أجمل من الألم ومُطلاّ على القيامة. فذهبا هما أيضا مع هذه الجماعة الصغيرة التي صارت اثني عشر.

قد لا يطلب يسوع إلى أيّ منا أن يترك محلّه أو بيته أو أولاده. ولكن أيعني هذا أن يبقى كل منا غارقا في محلّه وبيته وعائلته، أسيرا لهذه الروابط التي تجعلنا من أهل الدنيا، موتى في الدنيا؟

لاحظوا ان الأداة التي كانت تمنع هؤلاء الرسل الأربعة من ان يتبعوا يسوع كانت شبكة. أندراوس وبطرس كانا مرتبطين بشبكة. يعقوب ويوحنا كانا أيضا يُصلحان شبكة. معنى ذلك ان كلا منا واقع في شباك نفسه. شيء أو أشياء في نفس كل انسان تمنعه من ان يتبع يسوع، ولعل أخطر شبكة هي أننا ننتمي إلى الكنيسة المسيحية. عشرات من المؤمنين يظنون ان بينهم وبين المسيح رباطا لذلك يأتون إلى الكنيسة. وهل للإنسان خير دليل على انه يتبع المسيح من ان يجيء إلى الكنيسة؟ ومع ذلك قد يكون في ذلك شباك.

لعلنا نأتي إلى الكنيسة من أجل عادةٍ اصطَلَح الناسُ عليها انها حسنة. جيد ان نذهب إلى القداس الإلهي، ولكنه قد يكون شيئا من العادات الاجتماعية، شيئا يرى الانسان فيه نفسه، شيئا يطمئنّ اليه. قد يكون القداس شبكة اذا اعتدناه نغما حلوا أو صلوات نفتّش فيها عن دغدغة عاطفية، أو مركزا يجعلنا كل أحد على شيء من البهاء، على شيء من الشعر. ولكن ماذا قال الكتاب؟ قال ان يسوع كان يبشّر في المجامع ويشفي كل مرض. هل نعترف بأننا مرضى وبأننا بحاجة إلى إنجيل يُبشرنا، أم ندّعي معرفة كل شيء؟

ادعاء الانسان ما أعظمه شبكة. ظن الانسان انه وصل لكونه يحافظ على الناموس، وما أخطره ادعاء. بدء الخلاص أن يعترف الانسان انه مريض وان يسوع مخلّصه. حينئذ يُفلت من شباك الادعاء والغرور. شهادة المؤمنين الصالحين أن يقولوا للناس: نعم نأكل كما يأكل الناس، ولكن ليس هذا هو المهم. نتناسل كما يتناسل الناس، ولكن الأولاد لنا بركة من عند الآب. نكتسي، نبني البيوت، ولكن ليس في ذلك أهمية بحد ذاتها. نعمل كما يعمل الناس، ولكن الشيء المهم هو ان وجه يسوع دعانا، وانه هو الجميل، وانه هو القدير، وانه وحده يرفع عنا كل مرض وكل سقم وكل خطيئة نتعرقل بها كما في شباك، واننا نبيت معه في سلام ونصير معه إلى فرح. إن أحسسنا بهذا، فلنترك شباكنا ونتبع المخلّص.

 

رعيتي

الأحد 22 حزيران 2014 العدد 25

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share