افتتاح المؤتمر الانطاكي في البلمند الراعي: لتعزيز ثقافة العيش معا يوحنا العاشر: وحدتنا لا تعني تقوقعا

mjoa Friday June 27, 2014 57

افتتح بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر، المؤتمر الانطاكي “الوحدة الانطاكية ابعادها ومستلزماتها” في اوديتوريوم الزاخم حرم جامعة البلمند، بمشاركة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، بطريرك السريان الارثوذكس مار اغناطيوس افرام الثاني كريم، بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث، بطريرك السريان الكاثوليك اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك الارمن الكاثوليك نرسيس بطرس التاسع عشر. كما حضر السفير البابوي المونسنيور غبريالي كاتشا، الاب رويس الاورشليمي ممثل البابا تاواضوروس، القس سليم صهيوني، ومطارنة الكرسي الانطاكي ومطارنة الابرشيات الاخرى، اضافة الى عدد من السياسيين يتقدمهم نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل، وزيرا الاعلام رمزي جريج والتربية الياس بو صعب، السفير الروسي الكسندر زاسبكين، السفيرة اليونانية كاترين بورا، رئيس جامعة البلمند البروفسور ايلي سالم، النائب السابق ميشال ساسين، انائب السابق لرئيس الحكومة عصام ابو جمرة، وليم مجلي ممثلا الرئيس عصام فارس.

2

 

وحضر أيضا النواب اسعد حردان، نضال طعمة، فادي كرم، فادي الهبر، رياض رحال، انطوان سعد، الوزراء السابقون فايز غصن، كابي ليون، امال عفيش، بشارة مرهج ونقولا نحاس، محافظ بيروت زياد شبيب، قائمقام الكورة كاترين الكفوري انجول، مستشارة الرئيس السوري كوليت الخوري، اعضاء في مجلس الشعب السوري ماريا سعادة، ماهر قاورما، حسان ريشا، وقضاة، وشخصيات.

نرسيس
بداية قدمت للاحتفال الدكتورة مارلين كنعان، واستهل اللقاء بترتيلة لجوقة دير البلمند، وكان للدكتور جورج نحاس كلمة، ثم تكلم بطريرك الامن الكاثوليك نرسيس، وتطرق الى التاريخ الارمني ودعا الى “العودة الى الروح الانطاكية التي ليست حكرا على احد”. وامل ان “تنمو الكنيسة الانطاكية وان تكبر الى ان تصل الى ملء قامة المسيح”.

يونان
اما بطريرك السريان الكاثوليك اغناطيوس يونان فقد تكلم عن الاضطهاد في انطاكية تاريخيا وعن عدم وجود كراسي بطريركية في انطاكية، معتبرا ان “انطاكية لطالما عرفت سورية انطاكية”. وانتقد الدول الغربية “لدورها في تغذية الكراهية”. وطرح على المؤتمرين توصيتين: توحيد التقويم والتقاء الكنائي الانطاكية على مذبح الرب.

غريغوريوس
واعتبر غريغوريوس الثالث ان “الكنيسة الانطاكية صنعت حضارة المتوسط”. وتكلم عن ادوار انطاكية الحضارية وعن ادوار البطريرك الانطاكي واعتداله في زمن الانشقاق ما بين بابا رومية وبطريرك القسطنطينية. كما اشار الى ان “انتقال الكرسي من انطاكية الى دمشق يشير الى ان دمشق هي امتداد انطاكية وهي المؤتمنة على هذا الارث العظيم”.

وأمل أن “يبرز هذا المؤتمر تالق الكرسي الانطاكي وان نكون جميعا في شركة وشهادة كي يبقى القطيع”.

افرام الثاني
واعرب بطريرك السريان الارثوذكس مار اغناطيوس افرام الثاني عن امله في تحقيق الشراكة الكاملة في الجسد والكاس الواحدة. واستذكر المطرانين يازجي وابراهيم وامل بعودتهما سريعا. كما اعتبر “ان اختفاء هذين الحبرين سوية دليل على وحدة الرسالة والمصير ما بين الكنيستين كنيسة انطاكية للروم الارثوذكس وكنيسة انطاكية للسريانية الارثوذكس”.

وتكلم عن موضوع العودة الى حمص الذي تزامن مع موضوع تهجيرهم من الموصل، معتبرا ان “الالام تقودنا الى ان نكون معا ونعمل معا، حاملين الام وامال هذا المشرق بكل مكوناته”.
واشار الى ان الاجتماع يعكس نظرة نبوية. وشارك آمال البطريرك لحام في عقد اجتماعات بين البطاركة الانطاكيين.

الراعي
وألقى الراعي كلمة قال فيها: “بفرح كبير وشوق، ألبي دعوة أخينا المحبوب، صاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر، بطريرك أنطاكيه وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، للمشاركة في افتتاح هذا المؤتمر الأنطاكي في رحاب جامعة البلمند الزاهرة. فأشكركم، من صميم القلب، أيها الأخ الجليل، على الدعوة، وأهنئكم على هذه المبادرة العظيمة بعقد المؤتمر الأنطاكي الذي من شأنه، كما حددتم إطاره، بناء الوحدة الأنطاكية بكل أبعادها ومستلزماتها في داخل كنيستكم الشقيقة”.

أضاف: “إن التراث الأنطاكي الروحي واللاهوتي والليتورجي، وهو مشترك بين الكنائس التي تشكل العائلة الأنطاكية، يدعونا إلى عمل مسكوني شامل، وإلى إغناء كنيسة المسيح الواحدة الجامعة، وإلى إستمرارية الحضور المسيحي الفاعل في عالمنا الشرق أوسطي وفي أوطاننا العربية. ولا بد من تذكير المسيحيين بأنهم يعيشون في هذه المنطقة منذ ألفي سنة، وقد أرسوا أسس ثقافاتها، وحققوا النهضة فيها على كل صعيد. واليوم نرى أننا أمام التحدي الكبير الذي يدعونا للمساهمة في إعادة بناء الوحدة بين مكونات أوطاننا على أساس من التنوع في الوحدة. يدعونا هذا التحدي للعمل الجدي في سبيل السلام والعدالة بالحوار والتفاهم، بعيدا عن لغة الحرب والعنف والخطف والترهيب. وهذه مسؤوليتنا أولا وبخاصة في لبنان في تعزيز العيش المشترك، وشد روابط الوحدة الوطنية التي يضمنها رئيس جديد للجمهورية قادر وجامع، نطالب بإلحاح المجلس النيابي بانتخابه اليوم قبل الغد، وندين بشدة كل تأخير وتأجيل ومماطلة، ونحمل المعرقلين المسؤولية أمام التاريخ. إن انتخاب مثل هذا الرئيس حاجة أولية للأخوة السنة والشيعة من أجل الحد من أخطار الحرب الدائرة على أرض العراق وسوريا”.

وتابع: “قلت إني “بفرح كبير وشوق” ألبي وأشارك وأهنىء، لأن فكرة عقد “مؤتمر أنطاكي” كانت تراودنا نحن أيضا منذ ما بعد المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني (1962-1965)، ثم عدنا إلى البحث فيها في سينودس الأساقفة الروماني الخاص بلبنان (1995)، كما نقرأ في الإرشاد الرسولي “رجاء جديد للبنان” (1997) للبابا القديس يوحنا بولس الثاني: “التوجيه الأول المقترح يقوم على اكتشاف التراث الأنطاكي من جديد والتعمق فيه. إنه مشترك بين عدد من الكنائس البطريركية، الكاثوليكية والأرثوذكسية، في الشرق الأوسط. هذه العودة إلى الينابيع تقتضي تجديدا في التنشئة والتفكير اللاهوتيين، وفي الحياة الروحية والعمل الراعوي، مع الأخذ بعين الاعتبار تقليد الكنيسة، ولا سيما آباء الشرق والغرب الذين عبروا عن بشارة الإنجيل في ثقافاتهم المتنوعة. ثم دعا الإرشاد الرسولي إلى بناء جسد المسيح بالتعاون الروحي والراعوي والاجتماعي بين هذه الكنائس في نطاق محيطنا العربي، وفي عالم الانتشار (راجع الأعداد 64-70)”.

وقال: “عندما عقدنا “المجمع البطريركي الماروني” ما بين سنة 2003 و2006، ورحنا نتعمق في هوية كنيستنا المارونية ودعوتها ورسالتها، باستجلاء عناصرها التي تحقق من خلالها سر كنيسة المسيح الواحدة، الجامعة، المقدسة الرسولية في بيئتها الأصلية الشرق أوسطية، وفي أماكن انتشارها. وتبين لنا كم أن هذه العناصر هي في جوهرها مشتركة بين الكنائس الأنطاكية، وقد اتخذت بفعل الزمن طابعها الماروني المميز. فكانت لهذا المجمع التوصية الأولى التالية: “متابعة الاهتمام بإحياء التراث الأنطاكي الذي تشترك فيه سائر الكنائس الأنطاكية، في أبعاده اللاهوتية والروحية والليتورجية، وتقديمه في حلة جديدة تكون بمتناول أبناء كنائسنا. نأمل أن يهيىء هذا “المؤتمر الأنطاكي” المساحة المناسبة لتحقيق هذا التراث الإنطاكي المشترك”.

واردف: “إننا في أنطاكيه نجد كلنا أصالتنا ومرجعيتنا. منها ننطلق بقوة إيماننا بالمسيح وقيامته، إيمانا رسوليا صافيا، يقدرنا مع أبناء كنائسنا على تخطي واقع الموت برجاء القيامة. فحدث القيامة هو حدثنا اليومي بوجه كل ما نتعرض له من قتل وخطف وتهجير، وبوجه كل ما نشهده من انحطاط في الإنسانية وقيمها. وإليها نعود للاستنارة واستعادة قوانا المسيحية القيامية. ومن مدرسة أنطاكية اللاهوتية نتعلم سر التجسد الإلهي، ونلتزم بهوية التجسد ورسالته. فالحضور المسيحي في هذا الشرق حضور تجسدي، روحي وإنساني واجتماعي ووطني. تجسد من أجل الإنسان الآخر، فيكون الحضور المسيحي بمثابة خميرة من الحقيقة والمحبة والأخوة في العجنة المشرقية كلها. فكما أن الإنسان هو طريق المسيح، الذي من أجله صار إنسانا، هكذا الإنسان المشرقي هو طريق كنيسة المسيح الواحدة، طريق كنائسنا المدعوة لتجسد فيه وفي مجتمعه تراثها وثقافتها من خلال نشاطاتها الراعوية ومؤسساتها التربوية والاجتماعية. وهكذا نعمل معا على بناء مجتمع إنساني أفضل”.

وتابع: “من أنطاكيه أم الحضارات، المسماة أيضا “أم الشعوب” ورثت كنائسنا الانفتاح والشمولية في عالمنا العربي، فجعلتنا نتصدى لكل تقوقع وانغلاق على الذات، ونثبت في إيماننا المسيحي الذي يدعونا في آن إلى العيش مع الآخر المختلف، والعيش فيما بيننا بروح مسكوني أصيل يسعى إلى الوحدة. هذه التي يريدها المسيح، وهي عطية منه، وتأتي ثمرة للصلاة الدائمة والعودة إلى الله بروح التوبة، وعيش الحقيقة في المحبة. أنطاكيه هذه تدعونا لنكون قلبا واحدا ويدا واحدة وصوتا واحدا في شهادتنا المسيحية للقيم الروحية والأخلاقية والإنسانية، وفي الدفاع عن كرامة الشخص البشري والحريات العامة والعدالة والسلام”.

وقال: “بفضل هذا الانفتاح الأنطاكي، نواصل اليوم أكثر من أي يوم مضى، حوار الحقيقة والحياة مع إخواننا المسلمين، ونحن نعيشه معهم، بوجوهه الحلوة والمرة منذ 1400 سنة. رسالتنا أن نعزز ثقافة العيش معا على أساس من المعرفة المتبادلة، والاحترام، والاغتناء من قيمنا وتقاليدنا وتراثاتنا الخاصة، والتشارك في حياة أوطاننا بحكم حقوق المواطنة، وأن نشجب معا الظاهرات الأصولية التي تشوه الدين، وتلك العلمانية الملحدة التي تعادي الله وتعليمه ووصاياه، وأن نبني يوميا ثقافة الاعتدال والتعاون وحماية حقوق الإنسان، وفي طليعتها حرية العبادة والمعتقد والرأي والتعبير”.

وختم : “إننا فيما نرجو لهذا المؤتمر الأنطاكي النجاح في تحقيق أهدافه، نقف معا اليوم وقفة مثلثة: نعود إلى الماضي، إلى الجذور، لإعادة بلورة هويتنا الإنطاكية ورسالتنا المشتركتين، نجدد الحاضر بتسليط نور جوهر الماضي على الواقع الحالي، ونتطلع إلى المستقبل بروح “كنيسة لعالم اليوم”، عالمنا هنا في الشرق الأوسط، وعالمنا في دنيا الانتشار. وإننا نضع تحت أنوار الروح القدس، وحماية أمنا مريم العذراء أم الإله، أعمال هذا المؤتمر الأنطاكي، لمجد الله الواحد والثالوث، ولخير كنائسنا وأوطاننا”.

يوحنا العاشر
اما البطريرك يوحنا العاشر فقال: “يسرني أن أفتتح هذا المؤتمر “مؤتمر الوحدة الأنطاكية”، مرحبا بإخوتي البطاركة أصحاب القداسة والغبطة وكل أصحاب الدولة والمعالي والسيادة والسعادة، وبالسادة المطارنة والأساقفة والآباء الأجلاء والقساوسة المحترمين والرهبان والراهبات، والأساتذة الذين يشاركوننا هذا الحفل وجميع أبنائنا الموجودين معنا في هذه المناسبة الطيبة على قلوبنا، خاصة المشاركين في هذا المؤتمر والذين أتوا من أبرشياتنا الممتدة في كل أنحاء المدى الأنطاكي. فالبعض أتى من مناطق قست عليها الأيام والبعض الآخر عبر المسافات الشاسعة. كلٌ تحمل عناء ما واضعا نصب عينيه أن العمل في الكنيسة هو ورشةٌ تخص أبناء الكنيسة أجمعين، إكليروسا وشعبا”.

واضاف: “في ذكرى التلميذين تجذل أنطاكية وفي عناق الرسولين تتعانق قلوب المؤمنين لتقول للدنيا أن عطر القداسة وشذى المسيحية سيبقى دوما فواحا في أرض المشرق. في ذكرى الرسولين بطرس وبولس شاءت أنطاكية الأرثوذكسية أن تجمع أحبتها من كل أبرشياتنا الأنطاكية في أصقاع المسكونة لتقول لهم أنهم كنزها وأن كنيستها بشرٌ أولا قبل أن تكون حجرا. تجمعهم اليوم لتقول لكل منهم أنه، على مثال بولس، مدعوٌ أن يكون بوقا يذيع كلمة الحق إلى أرجاء المسكونة، وعلى مثال بطرس، مدعوٌ أن يكون حجرا صلدا في جسد كنيسته. يتقوى بغيره وقد يستند عليه، لا بل يعلو أيضا. لكن وأمام المسيح، الحقِ وحجرِ الزاوية، تخبو الأمجاد وتميد المفاخر ويصمت كل لسان بشري ويسمو منطق المحبة والوحدة. أمام يسوعنا يسمو طهر النفوس وتقطر المقل حنينا إلى إتمام رغبته التي أسر بها لأبيه “ليكونوا واحدا كما نحن” (يو17: 11)”.

وأكد “أننا نجتمع هنا كإنطاكيين، متحلقين حول أنطاكية التي امتدت وراء حدودها إلى عالم لا حدود له ماسحة جهالة الماضي فاضحة صمت الأصنام حاملة رسالة علمها المخلص، وبشر بها الرسل، وفسرها الآباء، وأقرتها المجامع، واختبرها القديسون، رسالة إيمان وسلام ومحبة وانفتاح ووحدة. وها نحن اليوم قد مشينا مع السيد منذ قيامته، وحملنا الصليب من بعده، لننشر هذه الرسالة في مشرقنا الحبيب وفي العالم كله. نحن إذا لسنا هنا صدفة. نحن هنا لدور محوري علينا أن نبلوره بثقة المؤمنين وقرار الفاعلين في مسار التاريخ”.

وتابع: “أردناه مؤتمرا عن الوحدة الأنطاكية في كنيسة أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، مؤتمرا يرسم صورة الوحدة الأنطاكية ولا يكتفي بالتنظير عنها. وعندما نتحدث عن الوحدة، نحن لا نتحدث عن شيء ينقصنا. نحن لا نقول بأننا مشتتون. لكننا نقول أننا نسعى أن نشد أواصر وحدتنا ونذيب ضعفاتنا في سبيل تقويتها. فوحدتنا ليست بالحلم. هي واقع نريد تمتينه. نحن لا ندعي في لقائنا هذا أننا أتينا بالعجب ولا نقول بأننا سنمتلك من ورائه “عصا سحرية”. نحن نقول أن هذا المؤتمر خطوة سبقتها خطوات وستلحقها أخرى بعون الله. العمل الإغاثي الاجتماعي والتربوي والموقع الإلكتروني الجديد وصفحة التواصل الاجتماعي والمركز الإعلامي وورشات العمل المستحدثة في لجان متخصصة في مجالات تطويب القديسين الأنطاكيين والتراث والتوثيق والإعلام والتربية المسيحية والشبابوغيرها التي أطلِقت مؤخرا، وذلك على سبيل المثال لا الحصر، ما هي إلا تعبير عن مسيرة ابتدأت سابقا وتستمر لتقول إن كنيستنا مدعوة الى أن تكون مجسا أولا لهموم إنسانها وسفينة لا تهاب أمواج هذا العالم”.

وأضاف: “أردناه مؤتمرا تلتقي فيه أنطاكية مؤمنين ورعاة، بطريركا، مطارنة، كهنة، رهبانا وراهبات، شيوخا وشيبة وشبابا، لنقول لأنفسنا أولا وللعالم ثانيا أننا بوحدتنا وبتكاتفنا، ورغم تباعد المسافات وتراكم السنين وصعوبات التاريخ وقسوة الأيام الحاضرة، أننا كنا ولازلنا وبعد ألفي عام من مجيء سيدنا أهلا لأن نفخر بمقولة كاتب سفر أعمال الرسل: “ودعي التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولا” (أع 11: 26).”

ولفت الى “أننا نجتمع اليوم مع إخوتنا في الكنائس الأخرى. نجتمع لنعانق في شخصهم كل أخ لنا بالمسيح الرب. اليوم أيضا تعانق أنطاكية الأرثوذكسية، بوجودكم إخوتي أصحاب القداسة والغبطة، أخواتها المارونية والسريانية والأرمنية والملكية مصلية مع قديسيها أن يعطينا الرب الإله أن نكون دوما يدا واحدة وقلبا واحدا يخفق حبا بسيد الموت والحياة. وما وحدتنا الأنطاكية، محور هذا المؤتمر، إلا غصن نضر وباكورة ملهمة ومحفز معبد السبيل نحو وحدة مسيحية مشرقية تكون نواة لوحدة المسيحيين في كل العالم. كنيسة أنطاكية هي ابنة اللاهوت المعاش وربيبة المجمعية الرسولية وسليلة قداسة واحدة، ومن أديم أرضها انطلقت شرارة المسيحية من هذه الأرض المشرقية لتكتسح ألباب الناس. فالحري بنا أن نطلق ومن ذات المكان شرارة الوحدة بالمسيح من الأرض التي التحفت باسمه منذ ألفي عام”.

واعتبر “أننا لسنا هنا لنخوض في محاور المؤتمر ولا لكي نستبق ونتكلم عن إنجازاته. لكن إضاءة سريعة على واقع التاريخ تفي بشرح ضرورة عقده. لقد أوجبت الظروف التاريخية التي مررنا بها والتغيرات الاجتماعية والديموغرافية التي شهدنا ونشهدها منذ مطلع القرن العشرين أن تكون كنيسة أنطاكية في قلب الحدث. لقد عرفت كنيسة أنطاكية الأرثوذكسية كما غيرها من الكنائس كثيرا من التحولات الديموغرافية والاجتماعية والسياسية منذ مطلع القرن العشرين وحتى الآن. أربع أبرشيات زالت من على الخارطة في مطلع القرن العشرين وانفتاح جديد على عالم، سمي بالمهاجر، يومها. دول وحدود فرضت واقعا جديدا، شئنا أم أبينا، تيارات سياسية وحزبية وجدت هنا وهنالك، وخرجت في كثير من الأحيان من بين أبنائنا. حروب ونزاعات نحصد إلى الآن ثمارها. سبل تواصل جديدة لم تكن يوما لتخطر في بالنا. كل ذلك يحتم علينا أن نفكر بتدعيم التواصل والتقارب بين أرجاء كنيسة واحدة يلدها جرن المعمودية الخلاصي وتجمعها الكأس الواحدة. كل ذلك يحتم علينا أن نفكر بسبل لنقول لكل مؤمنينا أن أبرشياتنا الأنطاكية وطنا وانتشارا هي جداول تنساب لتنبض الحياة في نهر أنطاكي جرى ويجري من ألفي عام، وهي أغصان فتية صلبة في الدوح الأنطاكي الغارق في التاريخ والناظر أبدا إلى الغد”.

ورأى انه “عندما نتكلم عن الوحدة، فنحن أبعد ما نكون عن الوِحدة. وهذه فرادة اللسان العربي. وحدتنا هي نقيض وِحدتنا وانعزالنا. وحدتنا لا تعني أبدا تقوقعا وانكماشا وابتعادا عن أطياف مجتمعنا وعن إخوتنا المسلمين الذين نتقاسم وإياهم أكثر من أخوة. لقد عرف المسيحيون والمسلمون في هذه الأرض المشرقية منذ مطلع القرن العشرين بوتقة ضمتهم في إطار الوطن الواحد والعيش الواحد رغم اختلاف الدين. لم يكن اختلاف الدين يوما مدعاة لفرقة وانقسام. “الدين لله والوطن للجميع” قالها أحد الأسلاف. أما تلك التيارات التكفيرية التي نسمع بها هنا وهنالك فنترك للتاريخ أمر الحكم عليها. صلاتنا اليوم إلى الرب الخالق أن يهدي الجميع ويمسح عن عيون البعض غشاوة التكفير والتزمت لنرى كلنا في الآخر صنيع الله الحسن، الذي شاء أن نتآخى وإياه دوما وأبدا. ومن هنا أقولها لكلِ إخوتنا المسلمين: كل عام وأنتم بخير في شهر التسامح وشهر الرحمة الفضيل، شهر رمضان”.

ومما قاله ايضا: “نجتمع اليوم في هذا المكان العزيز على قلبنا، في البلمند. نجتمع وقلبنا يخفق صلاة من أجل السلامفي سوريا بشكل خاص. نجتمع اليوم وقلوبنا تعتصر ألما من أجل كل شهيد يسقط ضحية الإرهاب والتكفير والعنف ويدفع فاتورة غالية لشعارات طنانة عكرت صفو عيش آمن. نجتمع اليوم وقلبنا يدمى مع أبنائنا في سوريا. نجتمع لنرفع الصوت عاليا في المحافل الدولية الصماء عما يجري في بلادنا من خطف واستباحة مقدسات واستيراد لهمجية لم نعرفها من قبل. نجتمع لنقول إن “المجتمع الدولي” بكل محافله يصم حتى الآن أذنيه عن قضية المخطوفين في سوريا ومنهم أخوانا المطرانان يوحنا وبولس. نجتمع لنقول، إن كل هذه الصعوبات نطمرها في تراب أرضنا وفي هذه الأرض نبقى شاء من شاء وأبى من أبى. ربوع الشآم أرض سلام، وسلام سوريا توقنا جميعا”.

وأضاف: “من هنا أيضا نرفع صلاتنا من أجل لبنان ونصلي أن يكلل الله أرضه بالسلام والطمأنينة. كما ندعو مسؤوليه أن يضعوا دوما في أذهانهم وقلوبهم أنهم مؤتمنون على حياة من انتخبهم وانتدبهم وعلى استقرار هذا البلد بالدرجة الأولى. وإذ نتكلم اليوم عن الوحدة، ندعو ونصلي أن يكون الجميع في لبنان يدا واحدة في وجه من تسوغ له نفسه أمر العبث باستقرار الناس. ومن هنا ندعو كل الأفرقاء إلى اعتماد لغة الحوار والتوافق سبيلا لملء سدة الرئاسة الأولى فيه”.

وختم: “نرفع صلاتنا أيضا من أجل سلام المشرق والعالم كله،وفي عبق بخور صلاتنا يحضرالعراق الجريح بما يعصف فيه اليوم من أحداث أليمة وكذلك مصر والأردن وفلسطين مهد المسيح.
ونشكر أصحاب القداسة والغبطة وجميع الحاضرين، وكل المشاركين في المؤتمر وخصوصا اللجنة المنظمة وكل أعضاء العائلة البلمندية وكل الجنود المجهولين الذين تعبوا وسهروا لتلتقي كنيسة أنطاكية اليوم وتلقي برسالتها سلاما وتآخيا للجميع.أشكر كذلك جميع وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب والذين يرافقوننا في تغطية هذا الحدث داعيا لهذا المؤتمر بالنجاح”.

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share