كلمة الأمين العام رينه أنطون الى المؤتمر الداخلي لمركز طرابلس السادس والعشرين

mjoa Tuesday October 21, 2014 65

كلمة الأمين العام رينه أنطون الى المؤتمر الداخلي لمركز طرابلس السادس والعشرين

سيادة راعينا الجليل المتروبوليت أفرام

قدس الارشمندريت يونان (الصوري)

آبائي الأجلاء

أخي رئيس مركز طرابلس

أيها الأحبة،

ألتفت بدايةً الى أبينا وراعينا المطران أفرام التفاتة محبّة ودعاء سائلاً الربّ أن يمدّه بالصحة  والقوّة ويزيده قداسة فوق قداسة إلى أعوام عديدة ليرعى التزامنا ونثبت، بصلواته، فيه.
يا إخوة،

في أحد اللقاءات التي أقامتها وواكبتها الأمانة العامّة هذا الصيف سألني أحد الشباب المشاركين: ماذا بعد انتقال كبار الحركيين والمؤسّسين؟ هل تستمرّ الحركة؟ وبغضّ النظر عمّا أجبته، فإن سؤال هذا الشاب أعادني، مجّدداً،  الى ما شغلني وكثير من الأخوة بعد انتقال كلّ من المطران بولس، والأب الياس، والأخ ألبير، ومعلّمنا في المسيح كوستي بندلي، ألا وهو حجم المسؤولية التي يضعنا فيها، جميعاً، احتجاب هذه المظلّة عنّا. فمن يعرف أنّ سرّ هؤلاء الكبار هو سرّ الحركة ذاته، سرّ حبّ الربّ وأن نُبنى ونبني في هذا الحبّ ونصدق في عيشه مهما كلّف من تعب وجهاد، يعرف أنّ ما نرثه منهم، وما يختصر الوفاء لهم هو أن نحفظ الحركة، رغم غبار عشرات السنين، في هذه الهويّة. نحفظها أمّاً تلد كباراً في المسيح بعد كبار. فنحن، رغم أننا ما وجدنا في الحركة  إلا على الرجاء، على رجاء أن نقيم، يوماً، في هذا الحبّ، فان انتماءنا اليها يبقى، في غايته الوحيدة، انتماءً الى هذا الذي كشفه الله لمؤسّسيها وكبارها، والذي نقلوه لنا بفكرهم وسعيهم.

rene2لهذا ليس مهمّاً أن تستمرّ الحركة وحسب. المهمّ أن يستمرّ السعي إلى أن تبقى بنا، ونبقى بها، في هويّتها الأصيلة. هويّة الجماعة التي تُثمّن الحريّة لأنّها تثمّن الفداء وتعي أنّ التزامها الربّ هو فعل حبّ له وشوقٌ للخلاص به وليس مفاعيل واجب وشريعة وناموس. الجماعة التي تعي أن محبّة المسيح سبيلها أن يحرّر أعضاؤها ذواتهم من الفراغ والتفاهة ليملأوها معرفةً به وعشقاً له ويصيروا معنّيين بكلّ ما يعنيه. الجماعة التي يُلحظ الكثير من تعليمها في وجوه حياتها. الجماعة التي تُعنى، في الصميم، بالكنيسة وبهائها. الجماعة التي تمقت الفرديّة، والتفرّد، وتتشبّث بالمشاركة، لا من اجل مكاسب وحقوق في كنيسة لا حقّ فيها لأحد ولا صدارة إلا لذاك الذي أخلى ذاته على الصليب، بل شغفاً بالتربية على هذا التخلي وبشركة المواهب وفعل الروح. الجماعة المنفتحة على كلّ جمال وابداع وكلّ موهبة وخدمة أخرى في الكنيسة. الجماعة المصلّية، الجريئة، التي ترفض الرياق والظلم وتهوى حقّ الأنجيل وتشهد له أينما كان وأمام أيّ كان بوضوح ومحبّة دون محاباة، لأنها تعلم أن ما يفصل بين المحبّة والمحاباة هو، تماماً، ما يفصل بين السماء والأرض. الجماعة اللينّة القلب، الصادقة في حبّها للفقراء.

فدعوني أصارحكم يا إخوة وانتم تجتمعون اليوم كهيئة مشرّعة في أحد أعرق مراكز الحركة وأقربها إليّ. أصارحكم، بما تعلمونه، وهو أن بعض واقعنا الحركيّ، هنا وثمّة، يحتاج هذا التذكير بماهية الهويّة والأصالة الحركية، ويحتاج نفض غبار السنين لإعادة نصب هذه الهويةّ في وسطه. إنّ هذا التوجّه، إن شئتموه، يقتضي جرأة كبيرة. هي جرأة تحرير بعض وجوه حياتنا الحركيّة مما يأسر الروح فيها. جرأة الخروج الى رحابة الربّ. الخروج من  الغرق بالتفاصيل الادارية والتنظيمية والانتخابية وما الى ذلك التي لا تقدّم ولا تؤخّر في هذا السعي. جرأة اعادة تأسيس الوجه المؤسساتي للحركة، الفروع والقوانين والأطر والنظم والأسر والفرق واللجان وغيرها، على أنقاض كلّ ما غيّب منها هوّيتنا الحقّة خلف جدار من غبار السنين وحرفية النظم والقوانين وتقليدية الممارسة. قيّموا هذه كلّها وإبنوا من جديد. إبنوا، فقط، على قياس الاطار الأصلح للأرشاد الأهمّ والاطار الأفعل للتربية الأكثر استقامة. إبنوا الشخص في هذه الهويّة مع المرشد المرشد والمربّي المربّي، والباقي كلّه يُعطى للحركة. فنحن في الحركة، نملك الكثير من الوزنات، وعلى هذا أشكر الله. لكنّ هذا يدعونا إلى أن نصبّ تعبنا في خدمة تثميرها. لقد أعطيت أن ألتقي مئات الشباب المشاركين في اللقاءات التي أقامتها الأمانة العامّة هذا الصيف، وأن أواكب ما كان لتلك التي أقامتها المراكز، ومنها هذا المركز، من صدى ايجابي كبير. فاستناداً الى ما شاهدته من التزام  لدى المشاركين، وسمعته عنهم ومنهم، وعاينته لديهم من جديّة طرح وجرأة ووفرة محبّة وطاعة ووحدة، وكذلك استناداً الى ما تابعته من الصعوبات الكبيرة التي تحملّها بعضهم، من الأخوة في سوريا، للمشاركة في هذه اللقاءات، أشهد أن هذه الحركة ما زالت تفيض  بالاخلاص لقضيّة الكنيسة. والفضل في هذا يعود للربّ وحده الذي لا يزال يُغرق هذه الجماعة بحبّه ويُشكر على كلّ شيء. فحرام ألا أن نضع هذا الاخلاص في المكان الأسلم الذي يثبّته في الأجيال ويثبّت الأجيال فيه.

هذا الاخلاص القائم في حركة الشبيبة الأرثوذكسية، المترافق مع حيوية شبابية مذهلة، هو ما يجيب على كلّ تساؤل ويدلّ الى أن الحركة تستمرّ لأن الحبّ فيها يستمرّ، ولأن حاجة كلّ رعية وأبرشية وقيادة في الكنيسة الى الحركة، في هذا الحبّ، تستمرّ. الحركة تستمرّ لأن الله يفرح بالمواهب ويحبّ كنيسته ويعاين أن حركة الشبيبة الأرثوذكسية، بما هي عليه، وبما يُرجى أن تكون عليه، هي وجه من وجوه حبّه لكنيسته. هذا الحبّ الذي لمع في حياة الذين رحلوا، ويلمع اليوم في صلاتهم. الحبّ الذي يلمع في حياة كثيرين بيننا ويبقى لامعاً في عينيّ شيخ مؤسّسيها الباقي، المطران جورج، على رجاء أن يكون هذا لأعوام عديدة.

ختاماً أرجو لمؤتمركم التوفيق ولرئيس المركز العتيد أن يمدّه الله بالقوّة والجرأة المرجوّة ليزرع في حياة هذا المركز المزيد والمزيد من استقامة الشهادة والحياة. وأذكر، في هذه المناسبة، أخي رئيس المركز فرح أنطون الذي أعلم كم جهد وتعب لقيادة هذا المركز الى الأفضل، خصوصاً في أدقّ الظروف وأصعبها. فنجح، باحتضانه للأخوة ومحبّته وصبره وانفتاحه على الحوار، بصون الحياة الحركية في هذه المحلّة، شاكراً إياه وسائلاً الله أن يحفظه وينير دربه في أيّ خدمة

جديدة ينتدبه الأخوة لها.

لكم الشكر والسلام.
 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share