الدعوة الإنجيلية – المطران جورج (خضر)

mjoa Friday June 12, 2015 54

الدعوة الإنجيلية – المطران جورج (خضر)

في الأحد الثاني بعد العنصرة أرادت الكنيسة أن تُحدّثنا عن فعل الروح القدس فينا، عن تأثيره في الناس. ولذا تلت علينا المقطع من بشارة متى الذي يتحدّث فيه عن جمع الناس إلى الله، عن الدعوة الإنجيلية. الروح القدس يُلملم الناس، يضمهم إلى الله.

The miracle of the Catch of 153 fishكان أن تجوّل السيد على ضفاف بحر الجليل -أي بحيرة طبريّا- والتقى هناك بشابين هما سمعان -الذي دُعي في ما بعد بطرس- وأندراوس أخوه، وقال لهما: “هلمّ ورائي”. دعاهما السيد، فتركا كل شيء وتبعاه كأنهما ذاقا في لحظة سريعة أن شيئا عظيمًا ينتظرهما. وكان هذان مأخوذين قبلا بعمل الصيد.

كلّ منّا مأخوذٌ بشيء ما في الدنيا، ويسوع يعبر في حياة كل إنسان، يطلّ على كلّ إنسان ليس بصورة خارقة، ليس بأعجوبة، ولكنّه يأتينا كما يلقانا، كما نحن في حياتنا العادية، يأتينا ونحن في تجارة، في طلب علم، في طهي، في تعليم، في خدمة، في رعاية، في رتابة عملنا اليوميّ، وينقذنا ليس من أعمالنا، لكنّه يُخلّصنا من تفاهتنا. يسوع لا يريد أن يخرُج الانسان من عمله، ففي بيتنا يكون الخلاص، في مكتبنا، في مدرستنا، في كنيستنا وفي الشارع. لا يريد الرب ان يترك الانسان قريته أو عائلته أو أولاده أو أي شيء. فالملكوت يُبنى في أي وضع جعلنا الله فيه. الملكوت لا يكون في أن ينزوي الانسان في الجبال أو يدخل صومعة. هذا ممكن ويريده يسوع من بعضٍ من الناس لأنه يجنّدهم في سبيله، لكن الأمر الشائع ان السيد يُبقينا حيث نحن. يأسرنا هو فلا نبقى أسرى لعمل أو لإنسان أو لنشاط آخر.

ترك التلاميذ الأربعة شباكهم وتبعوا يسوع. لا بد ان نترك حتى نتبع. قد لا نترك بيوتنا وأولادنا وأعمالنا، لا نترك شيئا ولكننا نترك الذهنية الفاسدة التي بها نتعاطى أمورنا، نترك الأنانية التي تلصقنا بأي شيء. كل مخلوق صالح، كل نشاط كريم، كل عمل مبارك، ولكن الانسان في خطيئته يُفسد الأشياء.  الإنسان في قلبه يُفسدها. المسيح يجيء الينا وإلى أعمالنا وبيوتنا ونشاطاتنا جميعها لكي يُدخل الطهارة اليها ويجعل قلوبنا مطمئنة اليه، فإذا بنا نجعل الملكوت حيث نكون بحيث يتراءى الله في ما نأكل ونشرب ونقول ونعمل ونُتمتم من صلوات. الله قائم فينا إن كانت أعمالنا صادرة عن قلب يتطهّر من أجله.

فيما نقوم بما يقوم به الناس، يعبُر المسيح بنا. عبورُه مقصودٌ. مقصودٌ “من أجلنا نحن البشر، ومن أجل خلاصنا”. هو يظلّ يعبُر ويعبُر حتى اليوم الأخير. لا يتعب يسوع من العبور بنا حتى يلفت بصرَنا إليه. ومتى أبصرناه، المهم ان نستضيفه في نفوسنا وفي أعمالنا وأفكارنا كلها. وإن رحّبنا نحن به، فإنه يفتح لنا مجالات السماء والأرض، وفي آخر العمر يخطفنا اليه.

“سأَجعلُكم صيادي الناس”. سوف تصطادون نفوس البشر لتُقيموها في ملكوته الأبدي. آخر مطافنا تلك المحجة العظيمة في ملكوت المسيح.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
نشرة رعيتي
14 حزيران 2015

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share