ايلي عجوز… “الغيور” – زاهي عازار

mjoa Monday April 4, 2016 82

ايلي عجوز… “الغيور” – زاهي عازار

في اسرار الحياة والموت التي ما فتئت تدهشنا وتحزننا، ليس لنا الا ان نستذكر الرب، ونسلّمه مشاعَرنا هذه، راضين على مضض، مترجين القيامة.

غادرتنا باكرًا ايها الحبيب ايلي لنذرف مع الدموع اسئلة. ولا نستكين الا لرؤى نخال فيها انك في احضان المسيح … وذلك كونك في هذا العالم امضيت زهرة العمر، في زوايا الكنائس التي احببت في منطقة المصيطبة والمزرعة وفي حركة الشبيبة الارثوذكسية، حيث نُحِتَ قلبك محبة، تلاقت مع التربية البيتية فيك، اذ كان بيتكم ملجأ فرح للناس. حملت هذا الزاد كله، وانت تكافح في دروب الدنيا.

elie-ajouz1 ايلي، انت حُكمأ في فرح السيد، لانك هنا كنت تزور المرضى وتفتقد المساجين وتساعد الارامل وتعطي كوب ماء للاطفال، هنا صار السيد حبيبك… وفوق كان هو ليلاقيك كما كنت هنا تلاقيهم.

اما وقد ارتحلت الى وجه الله، فاعرَف ان ذكر اسمك هنا سيبقى ابدًا.. لان كل المحتاجين الذين ساعدتهم وما اكثرهم، عرفوا منك لونًا جديدًا ما عاشوه مع غيرك وافتخروا به… اذ كنت مع الخبز تعطيهم كرامة، ومع الدواء تعطيهم كرامة ومع الملبس تعطيهم كرامة … لذلك كلهم اليوم حزانى على فراقك وسيظلوا يذكرون ان ايلي عجوز كان الذي لا ينتظرهم ليأتوا اذلاء الى مراكز التوزيع بل كان هو يحمل الاعانة اليهم، الى بيوتهم ويُفِيَضُ فيهم كرامتهم من جديد… في زمن الحرب، ومستتبعاتها، لما استُرخصت ارواح الناس وصار الفقراء حطبًا لكل انواع النيران.

ايلي، ما ساوم يومًا على الحق، كانت مواقفه سيفًا مشهورًا امام كل المظالم، والايمان الغائر فيه، يترجمه مُثُلا في التعامل كل يوم. لا يفلسف المحبة كثيرًا، يعيشها… ووجد ايضًا ايلي تجليات هذه المحبة في الحركة المسكونية حيث كان ناشطًا، ونثر فيها “العناق” الذي دأب عليه في حياته.

“غيرة بيتك اكلتني”… لم نكن لنفهم ما في هذا المزمور لغَة، لان المعاني  اولاً في حياة الناس ووجوههم…ايلي،  فيك تجسدت هذه “الغيورية” وكأنك تحملها من نبييك “الياس الغيور”، كنت على الحق “غيورًا” وعلى انصاف الناس “غيورًا” وعلى اصدقائك “غيورًا” وعلى اسرتك “غيورًا” وعلى الكنيسة “غيورًا” وفي حب الوطن “غيورًا” … على طريقتك.

وفي ارتحالك الى وجه الله، وقد فاجأتنا جميعًا، نحن هنا ليس لنا الا ان نتضرع، ونتابع الحياة. انت باق حيًّا ابدًا في اسرتك ولدى اصدقائك، ومُحبيك… وبعد ان نكفكف دمعة ونتناسى حُزنًا عميقًا، نستسمِحُك ان نضع قرب اسمك، لقبًا ثانيًا معطوفًا على بسمة خَفِرة، اذ سنذُكرك دومًا قائلين … ايلي “الغيور”، ونصلي…  المسيح قام … حقًا قام  …

بيروت في ٣١\٣\٢٠١٦

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share