يسوع وزكّا – المطران بولس (بندلي)

mjoa Monday August 8, 2016 222

يسوع وزكّا – المطران بولس (بندلي)
أيها الأحباء،
في المقطع الإنجيلي الذي سمعناه اليوم مفارقات مهمة جداً:
أولاً: زكّا كان قصير القامة ولذلك لم يتمكن من رؤية الرب يسوع الذي كانت تزحمه الجموع، صعد الى جميزة ليراه من فوق، وأما الرب يسوع، الإله المتعالي فوق أعلى السموات ولكنه انحدر الى الأرض ليفتقدنا نحن البشر، ها هو ينظر من أسفل الى زكّا لكي يوجه له دعوة للنزول اليه.

ثانياً: ان زكّا الذي كان غنياً ومالكاً لمال ظلم كثير كان قادراً أن يمنعه من السعي لرؤية من أصبح فقيراً ليس له حجر يسند اليه رأسه أو على الأقل أن يحجب عنه هذه الرؤية ولو أرادها، فها هو ينتصر على الحواجز الفاصلة بنعمة ذاك الذي يراه على الدوام ودون انقطاع حتى قبل ان يولد.
ثالثاً: ان الرب يسوع ألحّ على زكّا بالنزول من الموقع الذي اختاره كي يتمكن من رؤيته، طلب اليه أن يسرع وينزل منه، فأسرع ونزل مع كل خطورة النزول السريع لأنه كان يريد أن يتم اللقاء بأسرع ما يمكن كونه شعر بأن من يدعوه هو الذي يقدر وحده أن يملأ حقيقة حياته.
رابعاً: زكّا الخاطىء يواجه الحمل البريء من الخطأ فوجد فيه الشخص الذي لا يشير الى خطاياه باصبعه ولا يستحي بلقائه، بل وجد فيه من اقتحم بمحبته الفائقة كل خطاياه لأنه كان مزمعاً أن يحملها على صليبه فطلب أن يفتح له زكّا باب بيته لكي يفتح له بدوره باب التوبة وذراعيه المنبستطين لعناقه.
خامساً: زكّا جامع أموال كثيرة لم يعد يحسب لها حساباً بعد أن دخل الرب بيته فأغناه بمال لا يستطيع البشر أن يصفوه أو يدركوه لأنه يكنز حيث لا سوس ولا صدأ وحيث لا ينقب السارقون فيسرقون ولذلك تيقن انه لم يعد للمال الذي جمعه حتى الآن أية أهمية بل تخلى عنه بكل طيبة خاطر وكأنه لم يكن معبوده حتى الآن، رزل هذا المال لكي يسعى الى رحمة ربه المُسامِحة لخطاياه.
ولذلك كله أعلن السيد الفادي ان الخلاص حصل لبيت زكّا الذي أعلن بتوبته أنه بالحقيقة “ابن ابراهيم” أي ابن الموعد. وان الإله المتجسد الذي دعاه أن ينزل هو الذي يغفر الخطايا ويدفن معه انسان زكّا القديم لكي يلبسه الإنسان الجديد المتجدد على صورة خالقه. ألا أهلنا الله لتوبة زكّا فننال رحمة من لدن إلهنا. آمين.
العدد 4 – في 24 كانون الثاني 1999
أحد زكّــــا

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share