الايمان والكلام – المطران بولس (بندلي)

mjoa Friday September 23, 2016 117

الايمان والكلام – المطران بولس (بندلي)

آمنت ولذلك تكلمت، بهذا الكلام توجه بولس الرسول إلى أهل كورنثوس في مقطع الرسالة الثانية اليهم وقد تُلي هذا على مسامعنا في هذا اليوم المبارك.
ما قاله بولس مهم جداً. ان الايمان لا يستطيع ان يبقى دون التعبير عنه. انه يرتبط بشكل وثيق به لأنه (أي الايمان) مدعوٌ أن يُعلن للناس، ليس من باب التبجح، لأن من يفتخر يفتخر بالرب الذي تحنن على الإنسان حنواً يفوق كل انتظاره: لقد خلقه أي أخرجه من العدم إلى الوجود وعندما رآه تعرّض إلى السقوط في الخطيئة أسرع فنزل اليه متجسداً وانحنى فوقه وضمّد جراحات السقوط الذي أدماه وصبّ عليها زيتاً وخمراً وأصعده وأركبه على دابته واصطحبه إلى مضافة وطلب من المسؤول عنها أن يعتني بأمره ومهما أنفق عليه، أكد له أنه سيدفعه له بأمانة عند عودته… هذا هو الاله الذي نؤمن به ولذلك نتكلم معلنين حنوّه العظيم تجاهنا وتجاه البشر أجمعين.

نحن مدعوون أن نؤمن ليس هذا الايمان المعتد بنفسه الذي يظن ذاته “نصف الدنيا” ولكن الايمان الصادر عن قلب نقي الذي يردد دوماً: “أؤمن يا رب ولكن أعن عدم ايماني! انه الايمان الذي يستطيع أن ينقل الجبال الشامخة وأن يزيح الصخور التي تسد فوهات القلوب حتى إذا ما نتج عنه كلام، يدخل هذا الكلام قلوب الناس فيجتذبها ليس إلى الذي يتكلم ولكن إلى الذي يُتكلم عنه فيجعل لنعمته طريقاً  يصل بها إلى صميم القلوب التي، هو وحده أبدعها فيمسها ويحولها إلى مسكن حقيقي له.
ولا بد أن تضيف إلى أن الكلام يترجم بالأعمال، الكلام يشكل خطراً إذا بقي لوحده! انه يعبّر عن انفصام في شخص الإنسان إلى ثنائية قادرة أن تشكك الآخر، أن يعثره أي أن يسبب له اختلالاً في توازنه الروحي فيسقط في الخطيئة. المطلوب منا بكل أمانة أن نسعى لاجتناب ذلك، ان ايماننا مدعو أن يتكلم بأعمالنا. الناس، وهذا حقهم يلحون أن يكون ايماننا فاعلاً في المحبة والمحبة تكلّف كثيراً، ليست أغنية شعرية تجلب المشاعر ولا نغماً على آلة موسيقية يسحر الألباب انه صليب الآخر في حياتنا، إذا ما قبلناه متحداً بصليب الرب تشع لنا أنوار القيامة وحينئذ، وفقط، نستطيع أن نقول: “آمنت ولذلك تكلمت”.

العدد 40- في 1 تشرين الأول 2000
الأحـــد الخامس عشر بعد العنصرة

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share