“الافتخار بالصليب” – المطران بولس (بندلي)
في مقطع الرسالة إلى أهل غلاطية الذي رتبته الكنيسة المقدسة لهذا اليوم الذي هو الأحد الذي يسبق عيد رفع الصليب الكريم نسمع القديس بولس مواجهاً أولئك المتهودين الذين كانوا يفرضون الختان الجسدي على المؤمنين بالرب يسوع المسيح لكي “يفتخروا في جسدهم” (غلاطية 13:6) فيقول لهم جهاراً: “أما من جهتي فحاشا لي أن أفتخر الاّ بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صلب العالم لي وأنا للعالم” (غلاطية 14:6) مظهراً أنه على المؤمن أن يختار بين الافتخار في الجسد أي اعتبار أن للجسد، بحد ذاته،
وكأنه منفصل عن الكيان البشري الروحي في أساسه، ما يجعلنا نفتخر، ناسين أن قيمة هذا الجسد كبيرة جداً ولا تضاهى بقوة الروح القدس الساكن فيه وبين الافتخار بصليب صُلب عليه جسد رب المجد، هذا الجسد البشري الذي لبسه إلهنا المتجسد لكي يعيده إلى صورة الجمال القديم، إلى صورة البهاء العلوي الذي منحه أصلاً اياه خالقه والذي شوهه الإنسان بسقوطه!
ولذلك أعلن بولس خياره للافتخار بجسد أصبح على صليب الآلام لا صورة له ولا منظر لكنه أنقذ الإنسان فأعاده بالصليب إلى ما لم تره عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على بال بشر من بهاء لا يوصف.
فبالصليب أُعدنا إلى بهاء الجسد المتجلي بأنوار القيامة.
الا أهلنا الله لها وجعلنا نشترك حقيقة بصايب الرب بتخلينا عن نزواتنا وشرورنا وأحقادنا لابسين بدورنا المسيح الذي تنازل أن يلبسنا لكي ينقينا ويرفعنا فوق أدران العالم فنصرخ مع الكنيسة المقدسة: “خلص يا رب شعبك وبارك ميراثك وامنح عبيدك المؤمنين الغلبة على الشرير واحفظ بقوة صليبك جميع المختصين بك”. آمين.
العدد 37 – في 10 أيلول 2000
الأحـــد الثاني عشر بعد العنصرة
(الأحد قبل رفع الصليب)