“الحياة في تطبيق الوصايا” – المطران بولس (بندلي)

mjoa Friday September 23, 2016 61

“الحياة في تطبيق الوصايا” – المطران بولس (بندلي)

رتبت الكنيسة الأرثوذكسية المقدسة لهذا الأحد الذي يلي عيد رفع الصليب الكريم المحيي، هذا المقطع من رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية وفيه يقول انه مات بالناموس للناموس (غلاطية16:2) مؤكداً هكذا انه لم يعد يعتبر الأعمال التي يطبق فيها الوصايا كوسيلة للتبرير بحد ذاتها، فهذه الأعمال ولو كانت مطابقة لحرف الناموس فليست هي التي تجعل الإنسان باراً، انما هناك أمر آخر مهم جداً وهو الذي يقوم على تجاوز حرف الوصية فيصل إلى روحها أي إلى معناها الحقيقي فتفقد الوصية طابعها القمعي الجامد الذي لا يستطيع الإنسان أن يكتشفه أو أن يقبله، فالله خلقه حراً ولذا لا يستطيع أن يطبق الوصايا “كعبد مأمور” من الله ولا أن يجمدها نازعاً الروح الذي يحييها من داخلها.

الوصايا مهمة، والله هو الذي يطلب تطبيقها منا والى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يتم الكل (متى18:5). وليست هناك وصية مهمة تطبق ووصية صغيرة يستطيع الإنسان اهمالها فالانسان مدعو من الله أن يعمل بأصغر الوصايا ويعلم الناس تطبيقها فيدعى عظيماً في ملكوت السموات (متى19:5).
واذاً ماذا تغيّر؟ تغيّر الدافع إلى التطبيق فعوض أن يحيا الإنسان تحت كابوس الخوف من الله والذعر المشل أن يقع تحت “لعنة الناموس” إذا أخطأ ويموت من جراء هذا الخوف لأنه مدفوع إلى اليأس الذي يسببه له تفكيره بالعجز وبالتالي هو يصبح معرضاً أن يتوقف عن أية محاولة للنهوض كونه يعتقد صميمياً انها فاشلة!
ولكنه إذا أراد أن يلتفت إلى كلام السيد القائل له: “من يحبني يحفظ وصاياي” داعياً اياه إلى القيام بقفزة نوعية تنقل جهداً بشرياً إلى مستوى إلهي، حينئذ يستطيع أن يدرك الإنسان كم يساعده الله في تجاوز حرف الناموس إلى روح حرية أبناء الله.
هذا ما يعبّر عنه الرسول بولس عندما يقول: “مت بالناموس للناموس” أي تيقنت أن الوصية الإلهية الواردة في الناموس والتي هي مهمة جداً ويجب تطبيقها لكي “لا نعد صغاراً في ملكوت السموات” (متى19:5).
هذه الوصية هي حياة وليست موتاً ولذلك أموت للناموس أي أتخلى عن التعلّق بحرفه وكأن حرف الوصية هو الذي يحييني وهو غير قادر على ذلك، أرفض هذا التصوّر الذي يجمد الوصية بالنسبة لي لكي أسعى للحياة التي يعطيها واضع الناموس فأسعى أن يكون ايماني به كإله حي، به أحيا وأتحرك وأوجد (أعمال 28:17) وهو يقويني في تطبيق الوصايا بطريقة حية أسعى اليها بملء كياني وحينئذ مع كل ضعفي أستطيع أن أقول وصيتك وصية حياة أعني يا رب أن أحياها وحينئذ أحصل على الحياة الأبدية التي فيك. آمين.

العدد 38 – في 17 أيلول 2000
الأحـــد الثالث عشر بعد العنصرة
(الأحد بعد رفع الصليب)

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share