موكب الحياة وموكب الموت – المطران بولس (بندلي)

mjoa Saturday March 4, 2017 112

موكب الحياة وموكب الموت – المطران بولس (بندلي)

في المقطع الإنجيلي الذي تلي في هذا اليوم المبارك نسمع عن موكبين يلتقيان، موكب أم أرملة تتبع نعش ابنها الوحيد وقد وصل بها الحزن إلى أبعد حدوده ويتبعها جمع غفير من المدينة لمؤاساتها بقدر المستطاع البشري المحدود، وموكب سيد الحياة والموت، الرب القادر على كل شيء يتبعه جمع كبير للاستماع إلى كلمته المحيية.

ونرى كيف أن موكب الإله الحي لم يشأ تجاوز موكب الأم الحزينة، فوقف وأمر الرب حاملي النعش أن يقفوا ففعلوا، والتفت إلى الأم الثكلى المتألمة لكي يقول لها لا تبكي، ونلاحظ أن هذا الكلام لم يكن للتعبير عن تعزية ظرفية سطحية للبشر حق أدنى أن يحصلوا عليها وربما كانت تعني: لماذا تبكين، كلنا على هذا الطربق، لن ينفعك البكاء، تصبري، إلى ما هناك من كلمات يحاول قاموسنا البشري أن يفرزها، وربما وصل بنا السعي لتعزية بشرية أن نقول لا تبكي لأنك تحرقين ابنك بدموعك. فكلام الرب لم يتطرق إلى تعزية بشرية ولكن تجاوزها لكي يقول للشاب الميت: “أيها الشاب لك أقول قم” فقام الشاب منتصراً على الموت… فسلمه الرب إلى أمه.
أيها الأحباء، إن الرب يسوع بكلمة واحدة أعاد الحياة إلى الشاب الميت وعزى قلب أمه تعزية كاملة ماسحاً دموعها. هذه الأعجوبة التي قام بها الرب بذات سلطانه “لك أقول قم” لم يستغلها لكي يشهر سمعته، لم يعلنها بوسائل الإعلام السمعية والبصرية بل اكتفى أن يسلمه إلى أمه لأن الاعجوبة لم تكن هي المهمة بحد ذاتها بل بلسمة الجرح العميق الذي تعرضت اليه الأم وتمجيد الله كنتيجة لذلك.
يا لعظمة تحنن إلهنا القادر على كل شيء. لندع ربنا الإله الحامل الحياة لندعه يمر في حياتنا وحياة من حولنا، لندعه يلتقي بموكب موتنا الناتج عن الخطيئة لنقبل منه أن يمسح دموع أمنا الكنيسة المقدسة المتألمة بسبب سقطاتنا المميتة ولنترك له مجالاً بأن يقول لنا كما قال للشاب الميت: “يا ابني، يا ابنتي، لك أقول قم” لنسلم أنفسنا إلى عهدة تحننه الذي لا يقبل أن يتركنا في موتنا الروحي وهكذا نترك له مجالاً بأن يمسح دموع أمنا الكنيسة ودموع من تعهدونا بمحبتهم فننتصب ناقضين أوجاع الموت الروحي الذي يهددنا ونكون تعزية حقيقية بجعل من حولنا يمجدون الله المحي إلى أبد الدهور. آمين.

نشرة البشارة
الأحد 10 تشرين الأول 2004
العدد41

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share