الرحمة الإلهية والوحشية البشرية – المطران بولس (بندلي)

mjoa Saturday March 4, 2017 92

الرحمة الإلهية والوحشية البشرية – المطران بولس (بندلي)

في إنجيل هذا النهار الذي فيه نجد من جهة رحمة إلهنا الذي ارتضى أن ينزل إلينا وديعاً متواضعاً لكي ينهضنا من بهيميتنا ومن جهة أخرى وحشية الإنسان الذي تدفعه مطامعه بأن يبقى متسلطاً لوحده دون منافس.
من جهة نرى تنازلاً إلهياً لا يوصف لكي ينقذ الانسان ويرفع من جب الفساد ومن جهة أخرى يظهر أمامنا كم يصبح الإنسان دون رحمة وشفقة، فيسعى الى اماتة الانسان الآخر لأنه يعتبره مضراً بمصلحته.
يا لهول المفارقة بين رحمة إلهنا وبين وحشية بشرية تنسى كل قيمة للإنسان. وهكذا يبدو جلياً أن الله يأتي الى الانسان لكي يحييه، ونرى الانسان يدبر المكايد لكي يوقع الانسان ويميته.

أيها الاحباء نحن مدعوون أن نتأمل بهذا كله وأن ننتبه الى اختيارنا بين إله يتنازل الينا وبين نزعاتنا الغريزية التي تجعلنا نرى عدواً لنا في الانسان الآخر الذي لا نستطيع أن نعلن إيماننا بالخلق الا اذا قبلناه وجدانياً في حياتنا.
اننا أمام طفل المغارة التي علينا أن ننتبه الى غاية تنازله كي يقينا من تجربة التسلط الوحشي على الانسان ويقوينا لكي نرفض المقولة البشرية “القوي بقوته” فنقبل منه قوة حقيقية نتغلب بها على أنفسنا لكي لا نضر الآخر ولا نسعى الى “قتله” كما نحن مجرّبون بل الى انقاذ حياة أرادها الله فيه فنسعى الى تحقيق مشيئة الله القدوس فينا وفي الآخرين.
لنسجد أيها الأحباء لإلهنا المولود بيننا كما سجد المجوس الآتون من المشارق ولنقدم له الهدية الوحيدة التي يتقبلها منا وهي القلب النقي الذي يجعلنا نعاينه في الآخرين والذي طوبه هو اذ قال: “طوبى لأنقياء القلوب لأنهم يعاينون الله”.
لنسجد له في الاخوة البشر الآخرين ولنسعى أن نرى فيهم صورة الهية علينا أن ننتبه اليها لكي نقبله حقيقة.
وحينئذ نستطيع أن ننتصر على المطامع البشرية التي تعترض فينا طريق الخلاص. فالذي حررنا من عبودية بهيميتنا ونقلنا الى حرية أبناء الله هو كفيل أن يعيد الينا صورة الجمال القديم الذي خلقنا عليه، فللرب المولود من أجلنا الكرامة والسجود الى أبد الدهور.آمين.

نشرة البشارة
الأحد 26 كانون الأول 2004
العدد52

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share