المسيح قام! – المطران جورج (خضر)

mjoa Wednesday April 12, 2017 186

المسيح قام! – المطران جورج (خضر)

اليوم يستقبل المسيح المخلّص القائم من بين الأموات على صدره الذين اجتازوا الصيام بفرح وخشوع، وكانت أبصارهم إلى آلام السيّد وقيامته. امتُحنوا وصبروا وتطهّروا. فمن توانى له اليوم بهجة ليس مثلها بهجة، ذلك بأنّ الذي وصل متأخّرًا إلى مائدة الخلاص قد يجد كثافة فرح لم يكن ليتوقّعها. فالمائدة نزلت علينا ونحن نُقبل اليوم عليها بسبب من جوعنا إلى المسيح، الذي إذا أكلنا جسده وشربنا دمه يجعلنا نثبت فيه، ويقيم معنا ويدخلنا إلى عمق النجوى القائمة بينه وبين الآب في الروح القدس.

ressurection1يكون لنا عيد إن نحن قدرنا على أن نرى الابن في انتصاره على الخطيئة المنثنية فينا والموت الذي يتأكّلنا. تذكرون قول السيّد لأخت لعازر: «أنا هو القيامة والحياة». هو قيامتي وقيامتك اليوم وليس غدًا. هي قيامة في طهارة كلّ قلب. هي قناعة النصر والحرّيّة بالمسيح. هي الاطمئنان إلى أنّ الحزن لن يستحوذ علينا في ما بعد وأنّ الموت لا سلطة له علينا. الفصح هو العبور الدائم، المحيي من السقطات إلى وجه الله المبارك. لقد بتنا خلائق جديدة منعتقة من الفساد الداخليّ. وقوّة القيامة تمكّننا من أن نقول: «من يفصلنا عن محبّة المسيح؟ أشدّة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف؟» (رومية ٨: ٣٥). لا شيء يستطيع أن يعزلنا عن المسيح.

لقد نبّهنا السيّد إلى أنّه ستكون لنا ضيقات في العالم، وأنّ الدنيا قاسية على الذين يعيشون بالتقوى، وهم الذين ارتضوا أن يكون المسيح كلّ شيء في حياتهم، ويعتبرون أنّ كلّ ما عداه خسارة. لقد حلّ الفقر في الأكثرين ونجاحنا في دنيانا غير مؤكّد. ويعترينا المرض اليوم أو غدًا. وقد تتزعزع أسس عائلاتنا بسبب من انفلات عميم وقد لا يتمكّن أولادنا من الدراسة، وسوف تفتر المحبّة عند الكثيرين، وقد لا نستطيع أن نكافح الجهل الدينيّ في أوساطنا كما ينبغي أن نحاربه لكون العَمَلة قليلين. ومع ذلك لن نرزح تحت الكآبة أو تحت أيّ ضغط آخر يأتينا من الناس أو من خطايانا لأنّنا علمنا، بصورة نهائيّة وأكيدة، أنّ المسيح إذا كان فينا يكفينا كلّ شيء.

إنّ إيماننا بالقيامة يلقي علينا مسؤوليّات جسامًا إذ لا نستطيع بعد اليوم أن نعيش وكأنّ معموديّتنا غير فاعلة فينا. نحن قمنا مع المسيح وسنحيا كأناس قياميّين. فمن رأى في نفسه اعوجاجًا فليقوّمه. ومَن عرف نفسه مهملاً فليصلِّ حتّى تلهبه النعمة وتهبه حماسة. ومَن لم يمارس حتّى اليوم مسيحيّته بصورة لائقة فليباشر لأنّ مشهد الموت الروحيّ يؤذي. الذين يراقبوننا يجب أن يشاهدونا خلائق تتجدّد كلّ يوم بالروح القدس.

فليكن كلّ منّا منارة، والعائلة فلتلتحم أواصر مودّتها، ولتتعاون الرعايا لكوننا جميعًا أعضاء في جسد واحد، ولنشارك بعضنا بعضًا في خيرات الأرض، وليعتبر كلّ منّا الآخر أفضل منه وأعلى حتّى نبيد الغيرة والحسد، ولنسلك لا في شهوات الجسد ولكن حسب المسيح.

إنّ القيامة إن لم نجعلها دائمة الفعل فينا ودائمة الإضاءة تكون لنا مجرّد عيد يعبر. وأمّا إذا حوّلتنا إلى وجه يسوع تكون عيدًا مقيمًا. فلنقترب من المخلّص ولنقطع على أنفسنا بقوّة وعد الإخلاص للذي نهض من بين الأموات، لأنّنا إن لم نكن جديرين بهذا الذي أحيانا من الظلمة لا نكون قد ورثنا شيئًا من محبّته. «المسيح قام. حقًّا قام» لن تبقى مجرّد تحية. إنّها قد صارت بالرجاء حقيقة منقذة.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

نشرة رعيتي

16 نيسان 2017

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share