التوبة – المطران بولس (بندلي)

mjoa Thursday April 27, 2017 457

التوبة – المطران بولس (بندلي)

ندخل في هذا اليوم المبارك مرحلة مقدسة تعدُّنا للصوم الاربعيني المقدس.

إبتدأنا ننشد في صلاة السحر ما سيرافقنا حتى الأحد الخامس من الصوم: “إفتح لي أبواب التوبة يا واهب الحياة…”.

فالتوبة، تحديداً كما تذكرنا كلمة métanoia اليونانية والتي يًعَبَّر عنها “بالمطَّانية” المشيرة الى “السجدة”. هذه الكلمة تعني “تجاوز الفكر الشخصي” لكي يقبل الإنسان بفكر الله في حياته وفي تصوراته، أي هذه الإرادة الصميمية في أن يكون الله كلاًّ في حياتنا وفي تصرفاتنا كي تصبح حياتنا له وله وحده وحينئذ نكتشف حقيقة أنفسنا ونربحها للخلاص.

التوبة تعني إذاً تغيّراً أساسياً كاملاً يحدث في حياتنا ويُعَبَّر عنه في تخلّينا عن كل ما يعوق كلمة الله ونموها في حياتنا. الأمر ليس سهلاً، انه ممكن فقط إذا قبلنا أن تفعل نعمة الله فينا، ولذلك نطلب من الله أن “يفتح لنا أبواب التوبة”. فالله قادر أن يساعدنا في تحقيق ذلك وإذا اتكلنا عليه وعليه وحده نستطيع حينئذ أن ندخل هيكل الله مع الجماعة المؤمنة التي هدفها الوحيد أن تكون جماعة تائبين.

أيها الأحباء. إن التوبة تتطلب منا جهداً كبيراً لأنها تجاوز لأنفسنا لكي نجدها مستقرة في الله الذي وحده يستطيع أن يشبعها بنعمته، فتخلينا عن أفكارنا الذاتية والتركيبات البشرية ومبادئ العالم المنتشرة هنا وهناك التي تتلَّون غالباً بأهوائنا، أمر شاق كونه يتطلب منّا تغرباً وانسلاخاً أليمَيْن بكل ما للكلمة من معنى ولكننا إذا لجأنا الى الرب الحامل آلامنا كلها في صليبه نجد فيه راحة لنفوسنا وقوة لنستمر في طريق التوبة.

إن “واهب الحياة” للإنسان هو الذي يفتح له الأبواب الموصدة -رحمته كبيرة- نسأله أن يمن علينا بتوبة حقيقية نسعى إليها في كل يوم وبنوع خاص في هذه الأيام المقدسة لكي يبررنا المسيح كما برّر العشار الصارخ إليه: اللهم إرحمني أنا الخاطئ.

أهلنا الرب لتوبته بنعمته الإلهية ومحبته للبشر. آمين.   

نشرة البشارة

الأحد17 شباط 2008
العدد 7

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share