دخول المسيح إلى أورشليم

نشرة رعيتي Friday March 30, 2018 1156

دخول المسيح إلى أورشليم

ها إنّ أورشليم تقبل السيّد بعد أن أقام أليعازر وكلّنا نرحّب به لأنّ العيد ليس عيد أطفال، ولكنّه عيد طفولة قلب يتجدّد بالمسيح الداخل إليه بالتوبة. كلّنا اليوم أطفال لأنّنا نريد أن نجعل السيّد ملكًا على الناس وعلى الروح فتتجدّد بمجيئه فإنّه يبتغيها لتكون له.

اليوم السيّد يدخل إلى أورشليم منتصرًا، منتصرًا على كلّ شيء. تقول طقوسنا إنّه يلامس البهيميّة، يجلس على جحش لكي تكون حيوانيّتنا ممسوسة ومقضيًّا عليها، حتّى ندخل نحن معه ليس إلى أورشليم الأرضيّة بل إلى أورشليم العليا إلى السماء، أحرارًا من الحيوانيّة.

دخل ليطهّر الهيكل من الباعة والصيارفة، ليطهّر الدين من تجّار الدين، ليطهّر كلّ هيكل من الثرثرة، من العداوة حتّى إذا كان كلّ سكّان الهيكل، كلّ المؤمنين بالمسيح متسالمين بالذي دخل ببساطة وتواضع لأنّه يريدنا أن نكون له ببساطته ووداعته. لقد أراد أن يطهّر هيكل النفس من خطاياها. المهمّ أن نجعل المسيح مخلّصًا لنفوسنا في كلّ حين، يطرد منها الباعة ويطرد منها محبّة المال والبغضاء وكلّ شهوة مؤذية. نكون إذ ذاك قد اشتركنا في العيد.

هذا مُستَهلّ الأسبوع العظيم وسنبقى بعده بانتظار الخميس المبارك، حيث يتعشّى يسوع مع تلاميذه ويعطيهم عهدًا جديدًا في أنّه سيكون معهم إلى الأبد بالخبز والكأس المقدّسة. فكان المهمّ أن نُقبل إلى الله، أن نرتضي المسيح مخلّصًا اليوم لا أمس ولا غدًا. المسيح هو اليوم الربّ الذي نواجهه من أجل الرحمة والغفران والظَفر. سنكون شركاء في عشائه السرّيّ بتوبة تدوم وتتجدّد. ثمّ إذا تغذّينا من الجسد والدم الإلهيّين نستطيع أن نشاهد المسيح مرفوعًا على الخشبة، مرفوعًا من أجل خطايانا ونقدر على أن نعانق المصلوب في كلّ حين ليقيننا أنّه هو المركز، وليقيننا أنّه هو الحياة.

يوم الجمعة العظيمة سوف لا نبكي ففي المسيحيّة ينتفي هذا الأسلوب، ولن نتأثّر ولن ننفعل بل المسيح سيتأثّر علينا، لأنّنا نحن نستحقّ البكاء وهو ليس بحاجة إلى بكاء، هو يبكي علينا بسبب معاصينا، أمّا هو فيريد منّا رجاء وفرحًا وسلامًا لأنّه أتى وساكن القلوب ليحيها.

المسيح معنا في كلّ وضع، في كلّ حال نعانيها في الشقاء، في التقهقر، في المرض، في الانحطاط، ولذلك لن نصير إلى الخذلان ولن ندع اليأس يقلقنا، لأنّ المسيح دخل إلى ملكوت اليأس في القبر وانتصر على اليأس وعلى الشقاء.

هذا هو صميم المسيحيّة أنّ المسيح هو في كلّ إنسان حيثما حلّ الإنسان في المرض، في الموت. المسيح كان رفيقًا في كلّ ذلك ما عدا الخطيئة، لذلك سوف نشرف على القيامة وقد وعَدَنا بها. أيّة قيامة هي؟ عندما حدّث الربّ مرتا عن القيامة قالت له: «أنا أعلم يا ربّ أنّ أخي سوف يقوم في القيامة في اليوم الأخير»، غير أنّ السيّد قاطعها قائلاً: «أنا هو القيامة والحياة». ليست القضيّة قضيّة اليوم الأخير، لا تطلبي اليوم الأخير، أنا الآن قيامة أخيك.

ليست المسيحيّة ديانة موت لكنّها ديانة حياة. والحياة تأتينا من السيّد مرفوعًا على الخشبة، وقائمًا في فجر اليوم الثالث، قائمًا إلى الأبد وحاكمًا القلب.

فيما نحن مقبلون على الأسبوع المبارك لنذوقه أرجو أن يمتّعنا الله برؤية الظفر لنكون كلّنا أبناء القيامة.

المطران جاورجيوس

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share