صدور الجزء الثالث عشر من سلسلة “أصوات من الجبل المقدّس” بعنوان : خواطر في الرهبنة

وسيم وهبة Saturday August 1, 2020 1649

خواطر في الرهبنة هو الجزء الثالث عشر من سلسلة “أصوات من الجبل المقدّس” تصدرها تعاونية النور الأرثوذكسيّة للنشر والتوزيع. هذا الكتيّب، الذي وضعه الأرشمندريت باسيليوس رئيس دير إفريون – آثوس، بالرّغم من قلّة عدد صفحاته، يحتوي زخمًا روحيًّا ومعرفة لاهوتيّة وحكمة مستقاة من روح الإنجيل وتعليم الآباء القدّيسين. هو “خواطر في الرهبنة”، إلّا أنّه يتخطّى حدود العنوان ليكون خواطرَ في العيش المسيحيّ الأرثوذكسيّ الحقّ، مصدر الفرح والسلام الإلهيَين.

ينطلق المؤلّف من مفهوم الراحة عند الراهب، وعند كلّ إنسان مسيحيّ حقيقيّ، فيقول إنّ قوام هذه الراحة الصدق والتوق إلى تلبية دعوة الربّ إلى التألّه.

كما يؤكّد الأرشمندريت باسيليوس أنّه من الضروريّ التخلّي عن حبّ التسلّط والرئاسة، وأن نكون على العكس في خدمة الشخص الآخر لنرتقي إلى صورة الله ومثاله.

بعد ذلك يلقي الضوء على أهميّة الثبوت في حياة الراهب، فالتزام الكنيسة هو مدماك الحياة الرهبانيّة. والراهب يصير محافظًا على الكنيسة وهي تحفظه كذلك وتقدّسه. يسكن فيها وتسكن فيه. يحرسها وتحرسه، حسب تعبيره. كما ويركّز الكتيّب على أن بيئة الراهب هي التي تجعله يثمر أو لا يثمر. فالحياة الروحيّة لا تنفصل عن الحياة اليوميّة، والإيمان لا بدّ من أن ينعكس أعمالًا حقيقيّة لا أقوالًا فقط.

الحريّة بمفهوم الآباء يعبّر عنها الأرشمندريت باسيليوس كالآتي: الحريّة هي استعبادٌ بالمحبّة. فالناس القدّيسون يحترمون حرّيتك فيأسرونك بحبّهم ولطافتهم وتصير ملازمًا لهم بفرح، وهم يقودونك إلى الاتّحاد باللّه والبشر والطبيعة. لا أن اللّغة الأساس في هذه المسيرة هي الصلاة غير المنقطعة وغير المفصولة عن العمل.

يتحدّث أيضًا الأرشمندريت في صفحات كتابه عن النعمة الإلهيّة، غذاء الروح والجسد، ومصدر الغبطة والقوّة.

إنّ المعجزة المتحقّقة بتجسّد الإله وظهور مجده وتجلّيه لا تُعايَن إلّا ممّن كان مستحقًّا لهذا الشرف، وهذا الاستحقاق يكون عبر التواضع والطهارة. حينئذ يمكن للإنسان أن يرى شعاع الضياء غير المخلوق، فيشعّ هو بدوره بالنعمة عينها.

في سياق شرحه أهميّة التواضع، يقول إنّه أساس في إمداد الآخرين بالحياة وفي تجديدهم، من خلال إعطاء الأهميّة والأولويّة لهم وليس للذات.

لا ينسى الكاتب التكلّم على التوبة، الباب الكبير المفتوح على الملكوت. التوبة حسب قوله هي النقاوة التي تكمن في رؤية الناس جميعهم أنقياء أي عبر المسامحة المطلقة للإخوة والتي منها ينطلق طلب المسامحة من الله. وأحد أكبر عوائق التوبة هي تمجيد نقاوة الذات، أمّا إنكارها فهو أساس التوبة وجوهرها. الصلاة العميقة مع الدموع هي غسل للأدناس، وانفتاح على وجه الربّ ومجده.

وبعبارة يستعيرها من القدّيس اسحق السريانيّ يقول “إذا وضع المرء نفسه بين يدي الله، فإنّ كلّ شيء سيخضع له!”..

أمّا عن هموم الدهر ومشاكله العصريّة المتكاثرة، فيقول خاتمًا سفره إنّ المتواضع لا يقلق لأنّ يد الله تنقذه من الشرور وتصنع التغييرات لخيره. فكما ملأت قيامة الربّ يسوع ظلمات القبر والموت بالنور، ستملأ أيضًا كلّ شيءٍ بالنور، حتّى الجحيم. ومن يريد أن يكسب الأشياء كلّها، يستطيع ذلك عبر يسوع المسيح حين يهبه نفسه بالكليّة.

باختصار، هذه الأوراق كلمات إرشاديّة مسكوبة بالنعمة بقلم الأرشمندريت باسيليوس الذي أراد منها التوجّه ليس فقط إلى رهبان الجبل المقدّس بل إلى العالم المسيحيّ كلّه، لما فيه من إفادة روحيّة وصلاتيّة بالغة الأهميّة.

وسيم وهبة

301 Shares
301 Shares
Tweet
Share301