قـراءة فـي عيـد رقـاد السـيّـدة

عميد حنّا Monday August 15, 2022 601
– اللّافت للنّظر، والذي يدعونا للتأمّل، أنَّ عيد رقاد السيّدة، يأتينا في آخر السنة الكنسيّة، وعيد ميلادها هو أوّل عيد سيّديّ يأتي في السّنة الكنسيّة، التي تبدأ في الأوّل من شهر أيلول..!! وفي ذلك رسالة روحيّـة، فحواها أنّ هذه الفتاة البسيطة، مريم العذراء، هي نموذج ومثال أعلى في القداسة، شرط أن نتّخذها شفيعة لنا، وأن يصير سرُّ ميلادها ورقادها بالنسبة لنا، سرَّ تألّهنا في حياتنا ورقادنا، وسرَّ تقديس الكون كلَّه…
– لذلك، نرتّل في عيد رقادها الشّريف: في “ميلادك” (أي ولادتك ليسوع) حفظت البتوليّة وصنتها، وفي “رقادك” ما أهملت العالم، وماتركته يا والدة الإله… نعم! فالبتوليّة التي صانتها العذراء هي في العمق بتوليّة النّفس، التي صارت لها مغناطيسًا  جذب الإله ليتجسّد منها..!! هذه دعوة لنا كي تصير نفوسنا عذراء، بل مريم ثانية تلد المسيح للعالم! فتصبح حياتنا نقيّة، شفّافة تجذب الإله، كي يمرّ من خلالنا إلى الآخرين!..

 – وفي رقادك ما أهملت العالم، وما تركته يا والدة الاله! أيُّ رقادٍ هذا الذي يطال والدة الإله ولا تخشى الكنيسة أن تنادي به؟!.. إنّه الرّقاد في المسيح!! والرّقاد في المسيح، هو استقرار فيه! هذا يعني أنّ كلّ إنسانٍ رقد حقًّا في المسيح، يصير قبره سُلّمًا ينقله إلى السّماء! فكم بالحري قبر والدة الحياة؟! نعم! ما تزال والدة الإله ترعى خلاصنا، وترعاه بشموليّة أكبر، لأنها انتقلت إلى جوار ربّها وابنها، وقامت عن يمينه!
– لا بدَّ أن نصير صغارًا كي ندخل في سرّ رقاد والدة الإله وانتقالها! ولا بدّ أن ننسحق كي يمرّ المسيح فينا.. ولا بدّ أن ننقص ونتراجع… هذا هو سرّ المسيحيّة، وهكذا تتحقّق..!!
نعم! لا سقف في المسيحية، ولا حدود لها.. لا وقوف، ولا وصول.. هي شوق دائم، وارتقاءٌ من نعمة إلى نعمة.. ومن مجدٍ إلى مجد.. إلى حيث يشاء الإله أن نكون.. آمين…
0 Shares
0 Shares
Tweet
Share