كان القدّيس مركلّس من عائلة غنيّة عاشت في آفاميا السوريّة. تيتّم شابًّا صغيرًا، فانتقل إلى أنطاكية ليدرس العلوم فيها لكنّه تركها بعد فترة إذ استهوَته الحياة مع الله، فوزّع أمواله على الفقراء ثمّ ترك موطنه وسافر إلى أفسس. هناك أخذ يحصّل لقمة عيشه خطّاطًا وفي اللّيل يصرف وقته في الصلاة. وتناهى إلى مسامعه ما قام به ألكسندروس الذي كان قائدًا عسكريًّا لكنّه ترك الجنديّة وأسّس سنة 402 ديرًا على ضفاف نهر الفرات، هناك اجتمع إليه 300 راهبًا من كنيسة القدّيس ميناس ثمّ أسّس ديرًا آخر في القسطنطنية ووزّع رهبانه على ستّة أجواق كانت تتناوب الصلاة في الكنيسة على امتداد أربع وعشرين ساعة في اليوم، لهذا لُقّب ألكسندروس بالذي لا ينام وكذلك ديره، وصارت طريقته نمطًا رهبانيًّا اجتذب الكثيرين، فلمّا سمع مركلّس عن هؤلاء انضمّ إليهم، ولكن اضطرّ ألكسندروس ورهبانه إلى مغادرة القسطنطنيّة وانتقلوا إلى بريّة في بيثينيا وكان مركلّس ضمن المجموعة التي غادرت الدير وكان قد اقتنى فضائل جمّة وأصبح مثالًا للرّهبان. وبعد وفاة ألكسندروس واستلام رئاسة الدير من قبل الرّاهب يوحنا، تمّ تعيينه مسؤولًا عن حياة الرّهبان الروحيّة، وبعد وفاة يوحنّا اختاره الأخوة في الدير ليستلم هو رئاسة الدير، في عهده ذاع صيت دير الذين لا ينامون في كلّ مكان وصار طلّاب الحياة الرهبانيّة يأتون إليه حتّى من الغرب وفارس وأرمينيا. صار القدّيس مرجعًا لكلّ شأن رهبانيّ وأخذ يرسل تلامذته في كلّ اتجاه ليشرف على إنشاء الأديرة والمؤسّسسات. برز القدّيس مركلّس كأحد المدافعين عن الإيمان الأرثوذكسيّ في وجه أوتيخيوس وسواه من الهراطقة. كذلك كان ملاذًا للمظلومين. لايتردّد عن احتضان الضعفاء والدفاع عنهم، حتّى الأباطرة كانوا يعتبرونه معلّمًا لهم يطلبون منه النصح. وقد بقي كذلك حتّى رقد في الربّ بعد ستين سنة من الحياة النسكيّة قرابة العام 484م.
طروبارية القدّيس مركلس
بكَ حُفظت الصورةُ باحتراسٍ وثيق، أيها الأب مركلُّس، لأنّكَ قد حملتَ الصليب فتبعتَ المسيح، وعمِلتَ وعَلَّمتَ أن يُتغاضى عن الجسد لأنّه يزول، ويُهتمَّ بأمور النفس غير المائتة. فلذلك أيّها البارّ تبتهج روحُك مع الملائكة.