ثلاثيّة عيد الفصح (1) – من صباح الخميس العظيم إلى ليلة الفصح المجيد

الأخت لبنى فارس الحاج Wednesday April 12, 2023 264
لا يمكننا أن نتكلّم على خدم الأسبوع العظيم دون العودة إلى الخِدَم الّتي كانت تقام في كنيسة أورشليم، لا سيّما في القرن الرّابع بعد أن أصبحت المسيحيّة الدّيانة الرّسميّة للإمبراطوريّة الرومانيّة، وذلك لما لأورشليم من أهميّة كونها المسرح الطّبيعي لأحداث آلام السيّد وقيامته. فهذا سبب كافٍ لأن يكون لهذه الخِدَم كما كانت تحصل هناك تأثيرٌ كبير على خِدم الكنائس الأخرى.
وقد كان يوما الخميس والجمعة من الأسبوع العظيم يومين حافلين بالخدم والصّلوات الّتي كانت تبدأ في الصّباح الباكر ولا تنتهي إلاّ في ساعة متأخّرة من اللّيل. هذا ما تخبرنا عنه الرحّالة الإسبانيّة إيجيريا (القرن الرّابع) الّتي زارت الأماكن المقدّسة للحجّ ودوّنت ما كانت تراه.
وكانت العادة أن يجتمع المصلّون في الكنائس المقامة في مختلف الأماكن المهمّة الّتي جرت فيها الأحداث المتعلّقة بيسوع، وأن يقيموا خِدمًا وصلوات وأن يقرأوا المقاطع الكتابيّة المناسبة. وما الأناجيل الاثنَي عشر التي نقرأها في خدمة الخميس العظيم سوى أثرٍ لهذه العادة.
يوما الخميس والجمعة إذًا هما أهم أيّام الأسبوع بعد يوم القيامة. ففيهما نحيي ذكرى تأسيس سرّ الشكر وذكرى بذل يسوع نفسه على الصّليب، الحدث ذا الأهميّة الكبرى في حياتنا المسيحيّة، إذ هو موضوع إيماننا ورجاء خلاصنا. لذلك يتّصف هذان اليومان بكثافة الخدم المقامة فيهما وبغزارة معانيهما.
هذه الخدم كانت تنتهي صباح السّبت باكرًا بتلاوة صلاة السّحر، وهي أساس الخدمة الّتي نسمّيها “جنّاز المسيح”، والّتي نقيمها اليوم مساء الجمعة. كان المصلّون بعدها يذهبون إلى بيوتهم ويرتاحون طيلة النّهار دون أن يأكلوا شيئًا، في انتظار المشاركة بسهرانيّة الفصح مساءً حيث الاحتفال بمعموديّة الموعوظين (المستعدّين للاستنارة) وبقيامة الربّ من بين الأموات.
من هنا سنضيء تباعًا خلال هذه الأيّام الثّلاثة على بعض معاني الخدم المقامة فيها والّتي تجعلنا نلامس عالمًا آخر.
إعداد الأخت لبنى فارس الحاج

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share