ثلاثيّة الفصح المقدّس (5) – يوم الجمعة العظيم

الأخت لبنى فارس الحاج Friday April 14, 2023 277
2-الجمعة مساءً (سحر السبت):
كما يقول سنكسار هذا اليوم، تقيم الكنيسة تذكار “دفن الجسد الإلهيّ ونزول ربّنا ومخلصنا إلى الجحيم”. فبعد مزامير السّحر، نرتل “قانونًا” يتألّف من تسع أوديات نجد فيها موضوعات هذه الخدمة كلّها، من الجنازة إلى الغلبة على الموت، تتكرّر وتتعمّق. بعد الأودية السادسة نقرأ في القنداق والبيت أنّ المسيح سيقوم في اليوم الثّالث.
فمن الآن وصاعدًا يضيء في الخدمة فرح القيامة. إنّنا ما نزال واقفين أمام القبر ولكنّه ظهر قبرًا محييًا. فالمسيح الذي هو الحياة يرتاح فيه. مرّةً ثانيةً، وكما في سفر التّكوين، في اليوم السّابع، يوم الرّاحة، يرتاح الخالق من كلّ أعماله، يرتاح بعد أن تمّم العمل الأخير وهو القضاء على الموت بالموت وافتداء الجنس البشريّ. الآن يظهر المعنى الكامل والعمق الروحيّ لليوم السابع كيوم إنجاز للراحة الإلهيّة بإتمام الفداء وإعطائنا الخلاص. وهذا ما تعود وتؤكّده ترتيلة “إنّ موسى العظيم قد سبق فرسم هذا اليوم سرّيًّا بقوله: “وبارك الله اليوم السابع”، لأنّ هذا هو يوم السبت المبارك، هذا هو يوم السكون والراحة، الذي فيه استراح ابن الله الوحيد من كلّ أعماله لمّا سَبَتَ بالجسد بواسطة سرّ التدبير الصائر بالموت…”.
عند انتهاء الأودية التّاسعة يخرج الكهنة والشّمامسة من الهيكل ويقفون أمام النّعش. وعندها نرتّل التقاريظ وهي مجموعة قطع مقسّمة إلى ثلاثة أجزاء:
الجزء الأوّل: “يا يسوع الحياة في قبر وضعت…”
الجزء الثّاني: “نعظمك باستحقاق يا معطي الحياة…”
الجزء الثّالث: “كامل الأجيال تقرب التسبيح…”
ويُرش المؤمنون بماء الورد عند ترتيل “حاملات الطيب جئن صبحًا قبرك …”. فها الحزن والفرح يتصارعان، وها هو الفرح على وشك أن ينتصر، ولأوّل مرّة تطنّ ترنيمة النّصر والفرح: “جمع الملائكة انذهل متحيّرًا عند مشاهدته إيّاك محسوبًا بين الأموات أيّها المخلّص، وداحضًا قوّة الموت ومنهضًا آدم معك، ومعتقًا إيّانا من الجحيم كافّةً”.
وبعد المجدلة الكبرى يجري زيّاحٌ بالإبيتافيون والإنجيل. ثمّ يُعاد الإبيتافيون إلى النّعش ليقبّله المؤمنون في نهاية الصلاة ومن ثمّ يتمّ إدخاله ووضعه على المائدة حيث يبقى إلى وداع الفصح.
ثمّ تتلى نبوءة من سفر حزقيال (37: 1-14) وهي رؤيا عن العظام الجافّة التي يأتي الروح ويكسوها بالجلد ويحييها. إنّه الموت منتصر في العالم، إنّها الظلمة. ولكنّ الله يعلن للنبيّ حزقيال أنّ الموت ليس مصير الإنسان الأخير. العظام اليابسة ستسمع كلمة الربّ والموتى سيحيون. هذه القراءة إذًا تعلن القيامة.
بعد هذه القراءة يُعلن البروكيمنن دعاء القيامة أيضًا: “قم أيها الربّ إلهي…”. كيف ستحدث هذه القيامة؟ تجيبنا على هذا الرّسالة التي تُقرأ في هذا اليوم وهي تدمج مقطعين من رسائل بولس (1كورنثوس 5: 6-18 وغلاطية 3: 13-14) في مقطع واحد. وأمّا النصّ الأساس فهو: “إن المسيح الذي هو فصحنا قد ذُبح. فلنُعيّد لا بالخمير القديم ولا بخمير الشّر والفساد، بل بفطير الطهارة والحق”. فالمسيح هو خميرة قيامة الكلّ. كما أنّ موته يحطّم أساس الموت نفسه، كذلك قيامته هي عربون قيامة الكلّ لأنّ حياته هي نبع كلّ حياة.
ويتبع هذه الرّسالة المقطع الإنجيلي الأخير من الإثني عشر مقطعًا التي تليت يوم الخميس العظيم (متّى 27: 62-66)، حين يوافق بيلاطس على طلب الكهنة بأن يختموا قبر يسوع ويحرسوه. وتنتهي الخدمة بطلبة وصلوات الختام العاديّة.
هنا تنتهي هذه الفترة من الأسبوع العظيم المتعلّقة بآلام المسيح ونبقى أمام القبر الذي حُفظ بختم الحجر وإقامة الحرس. نبقى منتظرين بمحبّة ورجاء وإيمان، منتظرين فصح المسيح، منتظرين القيامة العامة، مهيئين أنفسنا ليوم ملكه الذي لا يغرب.
إعداد الأخت لبنى فارس الحاج

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share